...

كلمة الراعي في النعمة

يطلب بولس إلى تلميذه تيموثاوس أن يتقوى في النعمة التي في المسيح يسوع. النعمة موهوبة ولكن المؤمن يستعدّ لاقتبالها أو يقوى اقتباله بصلاته وقراءة الكلمة فيما يفتح قلبه للرب. واذا تشدد تيموثاوس بالنعمة ينقل ما تسلّمه من بولس إلى شهود أُمناء وهـم الأساقفة المخْلصون للإيمان المستقيم مع رعاياهم. الرسل حفظة الإيمان استلموه من الرب يسوع لمّا كان معهم على الأرض.

هؤلاء لا يصنعون ايمانا جديدا. ينقلون ما وصل اليهم. كل أسقف أخذ إيمانه من الأسقف الذي رسمه. الأساقفة سلسلة ابتدأت من الرسل. انهم ينقلون التقليد الذي هو الوديعة السالمة أو ما نُسمّيه “التقليد الشريف” حتى يستمرّ التراث الرسوليّ من جيل إلى جيل فلا نُحرّفه بالزيادة أو النقصان.

ليس من إيمان يتغيّر مضمونه من جيل الى جيل. الإيمان واحد منتشر في الكتاب المقدس وأقوال الآباء والخدمة الإلهيّة، ونحفظه كما تسلّمناه اذ نحن لا نخترع دينا جديدا كما يحلو لهذا او ذاك من الناس.

هذا التقليد الرسوليّ ينتقل بالتعليم. والتعليم يرافقه مشقّات، ولكن المعلّم الذي ينقله يعرف انه جنديّ ليسوع المسيح حتى لا ينتقص شيئًا مما استلمه من الأسلاف، وفي هذا السياق هم الرسل، وبعد ذلك خلفاء الرسل. الإيمان ننقله نقلاً بإخلاص ولا نُحرّفه لأننا جنود للمسيح، ولا نخترع تعليمًا من عندنا ولكنا نحفظ ما استلمناه. هذه هي الأمانة التي نُحافظ فيها على ما جاء إلينا وننقله كما جاء إلينا. حفظ ما استلمناه ونقله يتطلبان ألا نرتبك بهموم الحياة لأن الذي جنّدنا لأبيه، أي المسيح المبارك، يريدنا أن نُجاهد معه وله فنحفظ الوديعة سالمة ولا نُحرّفها فلا نزيد عليها ولا ننتقص منها، وهذا هو الجهاد الشرعيّ الذي يتحدث عنه الرسول. هذا الجهاد أساسه الا نُحدث مادة جديدة على ما تلقّيناه، وأن ننقل بفهم ما استلمناه أي أن ننقل ما جاءنا من الرسل ولا نخلط في ما نقول تعليمًا من عندنا، بل نحافظ ونشرح لكوننا فهمنا ما استمعناه. على أي شيءنحافظ؟ نحفظ ما هو من الإيمان، وهذا يلخّصه بولس في هذه الرسالة بكلمة واحدة أن يسوع المسيح قام من بين الأموات “على حسب إنجيلي”، وهنا لا يتكلم بولس عن كتاب معيّن، ولكنه بكلمة إنجيل تعليمه. ونقل الإنجيل إلى الناس يكلّف بولس صعوبات ومشقّات في جسده لأن التعليم يرافقه اضطهاد من الأخصام، وتكلم الرسول عن المصاعب التي تلقّاها من أولئك الذين لا يحبون ربنا يسوع المسيح. عذّبوني كمُجرم، يقول. “إلا أن كلمة الله لا تُقيّد”. أنا حامل كلمة الله، وأَمرَني الله بتبليغها، ولا أستطيع أن أَكتمها لأني رسول أي ان واجبي أن أُبلغ الناس، كل الناس كلمة الله، وأَعرف أنْ “ويلٌ لي إن لم أُبشّر”.

أنا أختار في المسيح لتبليغ إنجيله أي بشارته للمؤمنين ولغير المؤمنين. “إن كلمة الله لا تُقيّد” أي لا أستطيع أن أَكتم كلمة الله، أن أَحبسها في كتاب. أنا مضطر أن أكشف الإنجيل للناس. الإنجيل مقروء، مفتوح لينتقل، لكي يصبح كل مسيحي متكلمًا به. “آمنتُ، لذلك تكلّمتُ”. أُبشّر أنا بولس به ليصير كل مسيحيّ يسمعه إنجيلاً حيًا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: 2تيموثاوس 2: 1-10

يا ولدي تيموثاوس تقوَّ في النعمة التي في المسيح يسوع. وما سمعتَه منّي لدى شهود كثيرين استودِعْهُ أناسًا أُمناء كُفؤًا لأن يُعلّموا آخرين ايضًا. احتمل المشقّات كجنديّ صالح ليسوع المسيح. ليس أحد يتجنّد فيرتبك بهموم الحياة، وذلك ليُرضي الذي جنّده. وايضًا إن كان احد يُجاهد فلا ينال الإكليل ما لم يُجاهد جهادًا شرعيًا. ويجب أن الحارث الذي يتعب أن يشترك في الأثمار أولا. افهمْ ما أقول. فليُؤتِكَ الرب فهمًا في كل شيء. اذكرْ أن يسوع المسيح الذي من نسل داود قام من بين الأموات على حسب إنجيلي الذي أحتمل فيه المشقّات حتى القيود كمُجرم، الا أن كلمة الله لا تُقيَّد. فلذلك أنا أَصبر على كل شيء من اجل المختارين لكي يحصلوا هم ايضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الأبدي.

الإنجيل: متى 25: 14-30

قال الربّ هذا المثل: انسانٌ مسافرٌ دعا عبيدَهُ وسلَّم اليهم أموالَهُ. فأعطى واحدًا خمسَ وزناتٍ وآخرَ وزنتَيْنِ وآخَرَ وزْنةً، كلَّ واحدٍ على قدرِ طاقتهِ، وسافر للوقت. فذهب الذي أخذ الخمسَ الوزناتِ وتاجر بها وربح خمسَ وزناتٍ أُخَرَ. وهكذا

الذي أخذ الوزْنَتَيْنِ ربح وزنتين أُخْرَيَيْنِ. وامَّا الذي أخذ الوزنة الواحدة فذهب وحفر في الأرض وطمر فضَّة سيّدهِ. وبعد زمانٍ كثيرٍ قَدِمَ سيّدُ اولئك العبيدِ وحاسبهم. فدنا الذي اخذ الخمسَ الوزناتِ وأَدَّى خمسَ وزناتٍ أُخَرَ قائلاً: يا سيّدُ خمسَ وزناتٍ سلَّمتَ إليَّ وها خمسُ وزناتٍ أُخَرَ ربحتُها فوقها. فقال له سيّدهُ نِعِمَّا أيُّها العبدُ الصالح الأمين. قد وُجِدتَ أمينًا في القليل فسأُقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح ربّك. ودنا الذي أخذ الوزْنتَينِ وقال: يا سيّد وَزْنتينِ سلَّمت إليَّ وها وزنتانِ أُخْرَيان ربحتُهما فوقهما. فقال له سيّدهُ نِعِمَّا أيُّها العبد الصالح الأمين. قد وُجدتَ أمينًا في القليل فسأُقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح ربّك. ودنا الذي أخذ الوزنة وقال: يا سيّد علِمتُ أنَّك إنسانٌ قاسٍ تحصِدُ من حيثُ لم تزرَعْ وتجمعُ من حيثُ لم تبذُرْ. فخِفتُ وذهبتُ وطمرتُ وزنتَك في الأرض. فهوذا مالك عندك، فأجاب سيّدهُ وقال له: أيُّها العبدُ الشرّير الكسلان، قد علِمتَ أنّي أَحصِد من حيثُ لم أَزرع وأجمع من حيـثُ لم أَبـذرْ. فكان ينبغي أن تُسلِّمَ فِضَّتي إلى الصيارفة حتى إذا قَدِمتُ آخذُ مالي مع ربى. فخُذوا منه الوزنة وأَعطُوها للذي معه العشرُ الوزنات، لأنَّ كلَّ من له يُعطَى فيُزاد، ومن ليس له فالذي له يُؤخَذ منه. والعبد البطَّال أَلْقُوهُ في الظلمةِ البرَّانيَّة. هناك يكون البكاءُ وصريفُ الأسنان. ولمَّا قال هذا نادى من لهُ أُذُنان للسمْعِ فليسمعْ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

في النعمة