...

كلمة الراعي الفرّيسيّ والعشار

حكايةٌ نظَمها يسوع تُسمّى المَثَل. حديث رمزيّ عن تعليم للسيد استعمله الرب كثيرا. هو كلام عن رجُلين صعدا الى هيكل سليمان ليصلّيا. “أحدُهما فرّيسيّ والآخر عشّار”. الفرّيسيون حزب دينيّ له مناهج صارمة. هم خُلاصة الأتقياء من حيث الممارسة الدينية، متشددون سلوكيا ولكن كان يرى السيد أنهم خبثاء او مراؤون. لا ينفي عنهم التقوى من حيث انها تعني الحرص على تفاصيل الشريعة.

غير أنه كان يرى أن وراء كل ذلك رياء. “الويل لكم ايها الفريسيون المُراؤون” كلام شهير أَطلقه السيد عليهم. اما العشّار فكان جابي الضرائب. والضريبة لم تكن مبلغًا محددا لكل شخص من قبل الدولة. كان الموظف يحددها كما يشاء فيعطي الدولة منها ما توجب ويحتفظ بالباقي، ومن هنا كان الناس يشُكّون باستقامته. وقف الفريسيّ في الهيكل يصلّي بمعنى أنه يدعو كما يشاء. هذه كانت عندهم الصلاة الفردية التي لا نزال نحن المسيحيين نستعملها الى جانب الصلوات الطقسية (سَحَر، غروب، ساعات). في الكنيسة، ولا سيما في الأديرة، صلوات نصّها ثابت (صلاة المساء، الساعات الأولى والثالثة والتاسعة والغروب وصلاة نصف الليل والصلاة السَحَرية)، وفيها نص متغيّر. طبعا هناك هيكلية ثابتة كل يوم ونصوص موافقة للمواسم والأعياد مرتبطة بمعاني الأعياد. غير أن المؤمن اذا وَجَد كنيسة مفتوحة، واذا لم تكن صلاة تُتلى فيها، يقول دعاءه المنفرد. فهناك صلاة الجماعة المسمّاة خِدمة (سَحَر، غروب وما الى ذلك)، ودعاء الفرد اذا دخل الى الكنيسة خارج أوقات الصلاة. يدعو كما يشاء وتأتي صلاته منقولة عن الكتب ولا سيما السواعي او ما حفظه عن ظهر قلب او ما يقوله من قلبه. هذه تسمّى الصلاة الفردية. الفرّيسيّ والعشّار المذكوران في المَثَل كان كل منهما يتلو صلاته الخاصة كما تصدر عن قلبه او مما حفظه. وقف الفرّيسيّ وتصرّف حسب أخلاقه كما يُصوّرها الإنجيل. أخذ يتفاخر ويستكبر ويُقيم فارقًا بينه وبين العشّار ويرفع نفسه فوق كل الناس قائلا: لستُ مثل هذا وذاك من الخطأة. يعطي نفسه شهادة حُسن سلوك (لست كالظالمين الفاسقين) من حيث إنه لم يرَ في نفسه خطيئة. ويعترف بفضله أنه كان يصوم مرتين في الأسبوع (الاثنين والخميس، ونعرف هذا من التاريخ لا من العهد الجديد)، ويقول: أُعشّر كل ما هو لي، مع أن التعشير لم يكن يلحق كل ما يكسبه الانسان (الخضار مثلا لم تكن تعشَّر). اما العشّار والخاطئ فلم يجسر أن يرفع عينيه الى السماء، بل يقول لله: ارحمني انا الخاطئ. وهذا الكلام صار نواةً لصلاة اسم يسوع: “يا رب، يا يسوع المسيح، يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ” المشهورة في العالم الارثوذكسي، ويتلوها الرهبان ومن تشبّه بهم على مسبحة من صوف. هذا كان يقرع صدره ويقول: “اللهم ارحمني أنا الخاطئ”. هنا يوضح السيد أن العشّار ذهب مبرّرا عند الله دون الفريسيّ “لأن كل من رفع نفسه اتّضع، ومن وضع نفسه ارتفع”. الغفران يأتي من أنك تعترف بخطيئتك وترى نفسك صغيرا. هذا شرط أن تصبح عظيما في ملكوت السموات.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: 2كورنثوس 6:4-15

يـا اخوة، إن الله الذي أمر أن يُشرق من ظلـمـةٍ نورٌ هو الذي أَشـرق في قلوبـنا لإنـارة معـرفة مجـد الله فـي وجـه يـسوع المسـيح. ولنـا هـذا الكنز في آنية خزفيـّة ليـكون فـضل القـوة لله لا منـّا، متـضايقين في كـل شـيء ولـكن غير مـنـحصرين، ومتـحيـريـن ولكـن غير بائسين، ومضطهَـدين ولكن غيـر مخذولـين، ومـطـروحيــن ولكن غيـر هالكيــن، حامـليـن في الجـسد كل حينٍ إماتــةَ الرب يــسوع لتــظهر حيـاةُ يــسـوع أيـضا في أجسادنـا، لأنـّا نحن الأحيـاء نـُسـلَّم دائـما الى المـوت من اجل يـسوع لتــظهر حيــاة يـسوع ايـضًا في أجسادنا المائتة. فـالموت إذًا يُـجرى فيـنا والحيـاة فيـكم. فإذ فيـنا روحُ الايـمان بــعينه على حسب ما كُتـب إني آمـنـتُ ولذلك تـكلّمتُ، فنحن ايـضا نـؤمن ولـذلـك نـتـكلّم عـالميـن أن الذي أقـام الرب يـسـوع سيُقيـمنا نــحن أيضًا بــيسوع فنـنـتصب مـعكم، لأن كل شـيء هو من أجـلكم لكي تـتكاثر النـعمةُ بـشُكـر الأكثــريـن فتــزداد لمجد الله.

الإنجيل: لوقا 10:18-14

قال الرب هذا المثل: إنسانان صعِدا الى الهيكل ليصلّيا، أحدهما فريسيّ والآخر عشّار. فكان الفريسيّ واقفا يصلّي في نفسه هكذا: أللّهم إنّي أشكرك لأنّي لست كسائر الناس الخَطَفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشّار، فإنّي أصوم في

الأسبوع مرّتين وأعشّر كلّ ما هو لي. أمّا العشار فوقف عن بُعدٍ ولم يُردْ أن يرفع عينيه الى السماء بل كان يقرع صدره قائلا: اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم إنّ هذا نزل الى بيته مُبرّرًا دون ذاك، لأن كلّ من رفع نفسه اتّضع ومن وضع نفسه ارتفع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

الفرّيسيّ والعشار