...

من رسالة القديس أنطونيوس الثانية

الله في محبته الفيّاضة التي لا زيف فيها جـاء الــيـنـا، “الذي اذ كـان فـي صـورة الـلـه لـم يَحـسَـب مساواته لله اختلاسًا، بل أَخلى ذاته آخذا صورة عبد… وأطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك رفعه الله ايضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض… ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب” (فيليبي 2: 6-12). والآن يا أحبائي لتكن هذه الكلمة ظاهرة عندكم أن صلاح الآب لم يُشفق على ابنه الوحيد بل أَسلمه لأجل خلاصنا (رومية 8: 32)، وهو “أَسلم نفسه لأجل خطايانا”، “وبجلداته شُفينا” (إشعيا 53: 5) وبقوة كلمته جمعنا من كل الشعوب ومن أقصاء الأرض الى أقصاها وصنع قيامة لنفوسنا ومغفرة لخطايانا وعلّمنا أننا أعضاء بعضنا البعض.

أرجوكم ايها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، افهموا هذا التدبير العظيم: انه صار مثلنا في كل شيء ما عدا الخطيئة (عبرانيين 4: 15)، ويجب على كل واحد من الخلائق العاقلة التي جاء المخلّص من أجلها أن يعرف ذاته ويفحص حياته، وأن يميّز بين الخير والشر اذا كان يريد أن يخلص عند مجيء يسوع، لأن كثيرين خلُصوا بتدبيره ويُسمّون عبيد الله او خدامه. لكن هذا ليس الكمال بعد إنما الطريق الى التبنّي. وان يسوع مخلّصنا عرف أنهم (اي الرسل) تعلّموا بالروح القدس ونالوا روح التبنّي قال: “لا أدعوكم في ما بعد عبيدا بل إخوة وأصدقاء لأني أُخبركم بكل ما سمعتُه من أبي” (يوحنا 15: 15).

لذلك صارت لهم الجرأة لأنهم عرفوا طبيعتهم الروحية وقالوا بصوت واحد: إن كنّا قد عرفناك حسب الجسد إلا أننا الآن لا نعرفك كما عرفناك قبلا (اي حسب الجسد) (2 كورنثوس 5: 16). نالوا روح التبنّي وصرخوا: “اننا لم نأخذ روح العبودية ايضا للخوف بل أَخذنا روح التبنّي الذي به نصرخ يا أبّا الآب” (رومية 8: 15)، لذلك الآن نحن نعرف يا الله أنك قد أعطيتنا أن نكون أبناء وورثة لله مع المسيح (رومية 8 : 17).

لكن لتكن هذه الكلمة ظاهرة لكم، يا أحبائي، أن كل من أهمل تقدّمه الروحيّ ولم يسعَ بكل قوته للتوبة فليعرف أن مجيء المخلص يكون دينونة له.

أرجـوكم يا أحبـائي باسم يسـوع المسيح ألاّ تُهملوا خلاصكم بل ليمزّق كل واحد منكم قلبه وليس ثيابه (يوئيل 2: 13) خوفا من أن نكون قد لبسنا هذا الثوب الخارجيّ باطلا وقُدنا أنفسنا الى الدينونة. انظروا ان الوقت الآن قريب الذي فيه سوف تُمتحن أعمال كل واحد منا. هناك كثير من الأمور التي يجب أن أكتبها لكم لكنه مكتوب: “أَعط فرصة للحكيم فيصير أكثر حكمة” (أمثال 9: 9). أُحَيّيكم جميعا من الصغير الى الكبير، وإله السلام يحفظكم جميعا يا أحبائي، آمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من رسالة القديس أنطونيوس الثانية