...

الإجهاض

 

 

 

موضوع هامّ في حياتنا الحاضرة: هناك بعض الدول، بخاصّة في العالم الغربيّ، تطرح أو تَسمح بعمليّة الإجهاض. هذا الموضوع له، بالنسبة لنا، علاقة مباشرة بإيماننا وبالعقيدة المسيحيّة. نذكّر بأنّ الكنيسة، استناداً إلى الكتاب المقدّس والتقليد المقدّس، تعتقد أنّ حياة الإنسان تبتدئ منذ لحظة الحبل به. يأخذ الجنين، منذ تكوينه في حشا أمّه، صورة الله.

 

نحتفل مثلاً بحبل القدّيسة حنّة جدّة الإله في 9 كانون الأوّل أي، بالضبط، تسعة أشهر قبل ولادة العذراء مريم؛ كذلك بحبل أليصابات بيوحنّا المعمدان في 23 أيلول تسعة أشهر قبل تاريخ ولادته في 24 حزيران. كذلك عندنا عيد البشارة تسعة أشهر قبل عيد الميلاد في 25 كانون الأوّل. لذلك تعتبر الكنيسة قضيّة الإجهاض بمثابة قتل. المرأة التي تجهض جنينها تُعتبَر قاتلة إيّاه. هذا ما يقوله القدّيس باسيليوس الكبير، وكذلك القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم.

 

يذكر القانون 91 من مجمع ترولو 692 “أنّ النساء اللواتي يُعطَين عقاقير لإسقاط الجنين واللواتي يأخذن السموم لقتل الجنين يقعن تحت “قصاص القتلة”. إذاً لا بدّ لنا من أن نحافظ على حياة كلّ إنسان، وخصوصاً حياة كائن أعزل لا يستطيع الذَّود عن نفسه، نعني به الجنين. المسؤوليّة في إجهاض أيّ جنين تقع على أبويه.

 

هناك مشكلة يَكشفها ما يعرف بالـ échographie أي التشخيص السابق للولادة. هي، من جهة، تراقب الجنين وتطوّره، ومن جهة ثانية، تكشف في بعض الأحيان عن أجنّة مصابة بعاهات جسديّة أو عقليّة، وعندها تميل إلى التخلّص منها ناسية أنّ الحياة الإنسانيّة، صحيحةً كانت أم مشوّهة، تبقى على صورة الله ومثاله ولا يحقّ لأحد وضع حدّ لها. وجودنا مع أشخاص كهؤلاء معاقين هو مصدر تقديس لأنفسنا.

 

في الخلاصة نقول إنّ الإجهاض يبقى في نظر الله قتلاً لكائن أعزل ولو حلّلته قوانين الناس.

 

يقول البعض اليوم: “جسدي لي وأنا أعمل ما أشاء”. أمّا الكتاب فيقول: “لا سلطة للمرأة على جسدها” (1 كور 7: 4)

 

الذي يُولَد هو عطيّة من الله، فلا حساب لدى الكنيسة للإجهاض على أنّه مجرّد تنظيم عائليّ: إنّه قتلٌ في كلّ الأحوال.

 

ليس هناك فصل بين الروح والجسد لأنّ وحدتهما قائمة منذ الحبل. نعلم أنّه، في عالم اليوم، يأتي الإجهاض بعد حالة زنى، وهذا مرفوض عند الإنسان المؤمن.

 

أمّا اللّواتي يُردن أن يحافظن على أجسادهنّ ظريفة جميلة ويتحاشين تعب الولادة ونشأة الأولاد – وهنّ كثيرات ويا للأسف- فيلجأن إلى عمليّة الإجهاض. يجدر بنا القول إنّهنّ يقضين على حياتهنّ وحياة المجتمع، فيقضي الإنسان هكذا على نفسه ويتقلّص نسله حتى الإختفاء بالكلّيّة.

 

أفـرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 50، الأحد 11 كانون الأوّل 2016

 

الإجهاض