...

شارة الرسل القدّيس أفرام السريانيّ

أتوا إليه صيّادي سمك وأصبحوا صيّادي ناس (لوقا ٥: ١٠)، كما قيل: «ها أنذا مُرسلٌ صيّادين فيقتنصونهم عن كلّ الجبال والمرتفعات» (إرميا ١٦: ١٦). لو كان الربّ أرسل حكماء لقالوا إنّهم أقنعوا الشعب فكسبوه، أو إنّهم خدعوه فاستولوا عليه. لو كان الرسل أغنياء لقالوا إنّهم موّهوا على الشعب بإشباعه، أو إنّهم رشوه فسيطروا عليه. ولو أرسل أقوياء لقالوا إنّهم هوّلوا له بالقوّة أو قمعوه بالعنف.

غير أنّ الرسل لم يكن لديهم شيء من كلّ هذا. فقد أظهر الربّ ذلك للجميع بمثل سمعان. كان جبانًا فخاف من صوت خادمة، وفقيرًا فلم يستطع أن يدفع قسطه من الجزية، ويقول: «ليس لدي ذهب ولا فضة» (أعمال الرسل ٣: ٦). ولم يكن مثقّفًا ليعرف أنّ يتخلّص بحيلة عندما أنكر الربّ.

خرج إذًا صيّادو السمك هؤلاء وتغلّبوا على الأقوياء والأغنياء والعقلاء. يا للأعجوبة العظمى. ضعفاء على هذا الشكل استمالوا الأقوياء إلى عقيدتهم بغير عنف. مساكين علّموا الأغنياء. جَهَلة جعلوا من الحكماء والفقهاء تلاميذ لهم. لقد أفسحت حكمة العالم مجالاً لهذه الحكمة التي هي الحكمة بالذات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارة الرسل

القدّيس أفرام السريانيّ