...

القديس (الجديد*) دانيال الكاتوناكي

 

نقلتها إلى العربية أسرة التراث الأرثوذكسي

الثالث من تشرين الثاني، 1926

أحزن كثيرا إذ أتذكر جيل اليوم، كيف بسبب خطايانا سمح الله للشيطان الماكر أن يجد قبضة على جانبين.

من جهة، الرؤساء الذن يقودون كنيستنا، بدلاً من الدفاع عن التقاليد الورعة، يدخِلون ابتكارات وابتداعات؛ بينما من الجهة الأخرى، فإن الأتقياء والمؤمنين، بدلاً من الكتابة بتمييز كبير وبروح من السلام في التعبير عن آرائهم، يحقّرون الرئاسات ويستجمعون كل ما حرّمه الآباء القديسون، لكيما قدر الإمكان يحطون من قدر الرؤساء الآثمين؛ وفي هذا هم يسترضون الناس، وبدلاً من الإفادة يتضرر الجانبان.

لا أشك في أن دراسة أ.ف. قد وصلتكم، وفيها يدحض المجلس الجديد، لكن بلغة مسيئة، لم يستعمل مثلها أي من الآباء القديسين حتى ضد أعظم الهراطقة.

ستشكل دراستي المتواضعة أكبر ضربة بشكل جوهري، موجهة لهؤلاء المبتكرين ابتداءً من ف. ، لأنه سيُعزى إليه الهيجان والعاطفة، ناهيك عن الأنانية، ولكن سوف يكون ثابتاً أن الكنيسة نفسها تتحدث، قالبةً المراجعات التي يعتزم أولئك الراغبون بالمجلس الجديد القيام بها.

* تمّ وصف القديس بالجديد لأن قداسته قد أعلنها البطريرك المسكوني في العشرين من تشرين الأول 2019، أثناء زيارته للجبل المقدس.

مَن هو القديس الجديد دانيال الكاتوناكي؟

هو ديمتريوس المولود في إزمير سنة 1846. منذ صباه كان متميزاً وقد حفظ الفيلوكاليا عن ظهر قلب في مراهقته. التقى القديس أرسانيوس باروس في جزيرته وباركه وأرسله إلى دير القديس بندلايمون في أثوس. هناك صار راهباً باسم دانيال. لاحقاً انتقل إلى دير الفاتوبيذي وبقي لعشر سنوات يعاني من إلتهاب الكلىى إلى أن شُفي عجائبياً في 31 آب أثناء احتفال الدير بعيد وضع زنار والدة الإله. من ثم انتقل إلى كاتوناكيا حيث قضى تقريباً ثلاث سنوات لوحده ومن ثم جاءه طلاب، من سنة 1883، حتى تكونت أخويته. طُلب منه التسقف لكنه رفض مصراً على عدم أهليته.

تمتع الشيخ دانيال بموهبة المشورة الروحية والتعزية في الأحزان. لقد حمى أو شفى من العديد من الرهبان والعلمانيين من الخطأ. ربطته بالقديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس صداقة قوية، كما تبادل الكثير من الرسائل مع القديس فيلوثايوس زرفاكوس وغيره من رهبان دير لونغوفاردا في جزيرة باروس. ساهمت هذه الرسائل في حماية الرهبان من الوقوع في هرطقات اللاهوتي ماكراكيس. كتب حوالي المئتي رسالة إلى الأم ثيوذوسيا في جزيرة تينوس

كان الشيخ دانيال من سميرنا زهرة مقدسة عطرة من إيونيا أرض الشهداء. جلب عطره الفرح للكثيرين، عندما زُرع في حديقة السيدة، إلى جانب ثمار فضائله. هو نجل أبوين شديدي الإخلاص، درس الكتاب المقدس والفيلوكاليا، وتخرج بامتياز من مدرسة سميرنا الإنجيلية. بعد سجوده في الأديرة والكنائس في البيلوبونيز وجزر بحر إيجة، وبناءً على طلب البارّ أرسانيوس (1800-1877) في باروس ، دخل دير القديس بندلايمون في جبل أثوس.

تميزت فترة اختباره بطاعته الثابتة والطوعية. عند سيامته سُمّي دانيال بدلاً من ديميتريوس. سرعان ما عُرِف لمهاراته وأصبح أمينًا للدير الذي كان يضم 250 راهبًا. بسبب الاختلافات بين اليونان والروس، قَبِل النفي الذي أحزنه وأغمّه. استضافه دير القديسة أناستاسيا في فاسيليكا في خالكيديكي لمدة ستة أشهر، وهناك كان مصدر فائدة للآباء. ثم عاش في دير فاتوبيذي خمس سنوات، حيث شفي من مرض إلتهاب الكلىى الشديد. لقد أحب والدة الإله كثيراً طوال حياته. أخيرًا ، ذهب إلى كاتوناكيا الرائعة. هناك أسس منسكاً للآباء الأثينيين الموقرين. بعد سنوات قليلة، جمع أخوية صغيرة. لقد أرشدهم بالفيلوكاليا التي درسها وحفظها بثبات.

ساعدته فضيلته وحكمته وصلواته وتواضعه ودراسته وتجربته في تحديد المغالطات وتصحيح أولئك الواقعين في الضلالة وعلاج الذين يضربهم الشيطان وإعادة مؤيدي ماكراكيس إلى طريق الآباء القديسين. أتباع ماكراكيس آمنوا بالتركيب الثلاثي للإنسان.

لقد ساعد الرهبان الواقعين في تجارب شديدة وكانوا ممتنين له. المرضى والمكتئبون والحزانى والمحبَطون والمضطربون وجدوا العزاء والأمل في كلماته ورسائله. حتّى أنه هو نفسه ترك منسكه من أجل المصالحة بين الإخوة.

رسائله غنية إلى الرهبان والراهبات والإكليروس من كل الدرجات والمعلمين والأشخاص الذين يعانون من صعوبات مختلفة. كان على علاقة روحية بالمؤلف ألكساندروس مورايتيدس، المعروف لاحقًا باسم الراهب أندرونيكوس، الذي وصفه بأنه “ليس جباراً متعدد الأغراض ومتعدد الألوان، بل راهب كثير التعب”، يقدّم كحلوى “كلمات تقطّر الحلاوة السماوية”. وقال أيضًا: “عندما جئت إلى الجبل المقدس، ظننت أنني لمست الله، لكن عندما قابلت الشيخ دانيال، أدركت كم هو بعيد عني

في أيلول 1929 أصيب الشيخ بالرشح. عرف مسبقاً موعد رقاده فطلب المناولة المقدسة. في الثامن من أيلول (21 بحسب التقويم المتّبع)، أي في عيد ميلاد السيدة العذراء. بعد القداس الإلهي والمناولة أقيمت له صلاة مسحة الزيت للمدنَف ومن ثم أسلم الروح

. إن جمجمته محفوظة بتوقير في علبة خشبية وقد اكتسب لوناً أصفراً بنياً.

From Contemporary Ascetics of the Holy Mountain vol 1

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

القديس (الجديد*) دانيال الكاتوناكي