...

يسوع يطرد الشرّ نهائيًّا

                                                                                                           

كان يسوع في كفرناحوم عند الشاطئ الغربيّ من بحيرة طبريّا حيث كان يسكن، ومن هناك ينطلق ليبشّر في الجليل. وكأنّه أراد أن يجابه الشيطان مجابهة، كبيرة فذهب إلى الشاطئ الآخر فإذا بالمجنونين يظهران أمامه. والشيطان كان يعذّب الناس ولا يزال، وفي حالات مرضيّة كثيرة كان يُعزى المرض للشيطان.

هنا يتعذّب المريضان لأنّهما كانا يواجهان السيّد، والروح الشرّير لا يريد أن يستسلم، فيقولان له: «ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أجئت إلى ههنا قبل الزمان لتُعذّبنا؟» وكأنّهما يقولان لم يحن الحين حتّى يأتي ملكك، فنحن نريد أن نملك في العالم. غير أنّ الربّ يسوع جاء ليبيد مملكة الشيطان، لينهي الشرّ، ليمحو الخطيئة. فطردَ الأرواح الشرّيرة من المريضين حتّى طلبت أن تُطرَدَ الى الخنازير، فغرقت في البحيرة. والخنازير حيوانات ممنوع أكلها في شريعة اليهود وكانت رعايتها مُحظّرة.

يسوع يطرد الشرّ نهائيًّا، ورمز ذلك أنّ الحيوانات تموت في البحيرة، ثمّ يعود إلى كفرناحوم ويبشّر.

كلّ منّا تعشّش الخطيئة فيه. ليس أنّنا أحللنا الشيطان في قلوبنا ولكنّنا أحيانًا نتواطأ معه، وكثيرًا ما تحلو لنا شياطيننا. فعشرة الربّ ليست طيّبة على القلب لأنّ الربّ متطلّب وملحاح، يريدنا لنفسه وليس لشياطيننا، ولا يريد أن نشرك به أحدًا. ولهذا كثيرًا ما نقول للسيّد: لماذا جئت لتعذّبنا؟ اذهب إلى سمائك واترك لنا قلوبنا نسلّمها للشياطين.

من سلّم نفسه للكذب فهو يسلّمها للشيطان، ومن سلّم نفسه لأيّ نوع من أنواع الدجل والاعتداء والبغض، فإنّما يسلّمها للشيطان. كلّ ما نفعله من سيّئات إنّما هو تحالف مع الشيطان. ولهذا عندما يبرّر الإنسان الأعمال القبيحة فإنّما الشيطان يتكلّم بلسانه.

من آمن بقلبه واعترفَ بلسانه بأنّ يسوع المسيح قد قام من بين الأموات فهو يقوم. أي من آمن بقلبه واعترف بلسانه بأنّ يسوع يمكنه أن يقيمنا نحن من بين الأموات، وأنّ ينقذنا من خطايانا اليوم أمام كلّ تجربة فهو إنسان مُخلَّص. أمّا الذي يدّعي المسيحيّة ويصلّي في كنائسها ولكنّه يبرّر القبائح ويزكّي الآثام ويتغنّى بالخطايا، فهذا إنسان لا يخلُص وليس بمسيحيّ.

ولهذا إذا أردنا أن نَخلُص وأن نكون جدّيّين ولسنا على هذه المسيحيّة الكلاميّة الجوفاء، فعندئذ نسجد ونقول للسيّد «أنتَ هو المخلّص». «لا تتّكلوا على الرؤساء ولا على بني البشر فإنّ ليس عندهم خلاص» (مزمور ١٤٦: ٣). هذا ما جاء في الكتاب المقدّس. البشر لا يخلّصون البشر، السلاح لا يخلّص البشر، السياسة لا تخلّص البشر. المسيح يخلّص البشر.

أسلموا أنفسكم للمسيح عندئذ تذهب عنكم شياطينكم وتُلقى في البحيرات وفي الخنازير النجسة، وعندئذ أنتم مطَهَّرون. اثبتوا في الحقّ في طهارة الإنجيل، ولا تتّسخ عقولكم بأقوال الناس، ولكن فلتَفِضْ أقوالكم من كلمات السيّد ولتأتِ مشاعركم من مشاعر السيّد. فكلّ من يشعر بخلاف يسوع فهو نجس. الإنسان مسؤول عن شعوره، عمّا يجري في عقله وفي قلبه. كلّ مَن لطّخ نفسه بأيّ شعور مظلم تجاه أيّ مخلوق ولأيّ سبب فهو إنسان مدنّس. أخرجوا شياطينكم من القلوب واخرجوها من العقول، ليسكن المسيح وحده عقولكم وقلوبكم وتكونوا أبناء العليّ.

جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الأحد ٩ تمّوز ٢٠١٧ العدد ٢٨

 

 

 

 

 

 

 

يسوع يطرد الشرّ نهائيًّا