...

كلمة الراعي قام المسيح وليس من ميت في القبور

لا نزال في بركات العيد، ضياء الفصح، وقد أرادت الكنيسة المقدّسة أن نتمتّع بكلّ وجه من وجوه الفصح، فجعلت الأحد الثاني من بعد العيد أحد حاملات الطيب. لذلك يُقرأ اليوم فصل من إنجيل مرقس متعلّق بالنسوة حاملات الطيب وبيوسف الراميّ الذي كان عضوًا في مجلس مشايخ اليهود في الرامة. وكان يوسف من أولئك الذين ينتظرون لإسرائيل خلاصًا حقيقيًّا، خلاصًا بالمخلّص، يُنقذ من الخطيئة وحكم الشيطان، ينقذ الإنسان في داخله، في قلبه.

أرادت النساء ويوسف الراميّ، تطبيقًا للشريعة وحبًّا بيسوع أن يُدفن جسد يسوع. وكان قد اقترب يوم السبت، ولا يجوز لليهود تعاطي أيّ عمل في السبت، كما لا يجوز أن تبقى الأجساد معلّقة على الصليب، لذلك، قبل أن تغيب الشمس ويبتدئ يوم السبت، تجرّأ يوسف الراميّ وطَلب جسد يسوع مُعلنًا بذلك أنّه من التلاميذ. دُفن جسد يسوع بسرعة ولم يسمح الوقت بأن يُحنّط على عادة اليهود.

لذلك ذهبت النساء إلى القبر صباح الأحد، من بعد طلوع الشمس، ليكملن التطييب بعد أن انقضى يوم السبت. ولكنّهنّ رأين ملاكًا له صورة شابّ قال لهنّ: «لماذا تطلبن الحيّ مع الأموات؟ أنتنّ تطلبن يسوع الناصريّ المصلوب، ليس هو ههنا». جئن يطلبن ميتًا فقالت لهنّ السماء: لم يبقَ ميتًا ولكنّه حيّ إلى الأبد. أنتنّ خرجتنّ معه من الشقاء ومن المرض ومن الخطيئة، وها الإنسانيّة تخرج معه أيضًا من ويلاتها، وليس للمؤمنين بعد اليوم علاقة مع الموت.

بعد أن أميت الموت دخلت الحياة كلّها، حياة الله، في مملكة الموت وبتنا أحياء. هذا معنى ما قاله القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم في عظة الفصح: «قام المسيح وليس من ميت في القبور». قام المسيح ولا يجوز أن نتحدّث عن الموت أو أن نلتفت إليه، ولا يجوز أن نشقى أو تعذّبنا الخطيئة، فإذا ارتكبناها نتوب ونجوزها لأنّها لا تتحكّم في المؤمن. الخطيئة تعبر عبورًا والمؤمن يفوقها، يدوسها إذا أدرك أنّ المسيح حيّ وأنّه يحييه.

صعب علينا أن نتصوّر ذلك لأنّ الموت قائم في النظر. الناس كلّهم يصبحون جثثًا، البشر يوضعون في نعوش، ومع ذلك يقول الكتاب إنّهم أحياء، أي أنّنا رغم ما نرى قد دخلنا في مملكة الحياة لأنّ الموت لا يذوقه المؤمن كما قال ربّنا في حديثه في بيت عنيا. السيّد عنى بذلك أنّ الموت لا يمرمر المؤمن وأنّه لا يبقى فيه. المؤمن وإن مات فسيحيا. ليس أنّه يحيا في ما بعد عند القيامة العامّة، هذا حاصل، ولكنّه يحيا منذ الآن. لمّا انتُشل من حوض المعموديّة تسرّبت حياة الله إليه وحضنته وأبقته فيها. فلو رأيتموه ميتًا إلاّ أنّه في سرّ المسيح أخذ يحيا ويمشي إلى الحياة الأبديّة.

نحن مشدودون إلى الحياة الأبديّة وبها نفكّر لا بالموت، وإيّاها نذوق ولا نذوق الموت. يعبر هذا الجسم ويؤخذ الكيان إلى المسيح كيانًا قياميًّا. هذا هو السرّ الذي يجب أن نألفه بالإيمان وبالأسرار المقدّسة. فإذا أخذنا جسد المسيح نختبر أنّنا بدأنا نذوق الحياة الكبرى، وإذا أقمنا ذكرى لمَن نحبّ فنحن لا ننتقل إلى الأحزان التي جاءتنا ولا نبقى أسرى فيها، ولكنّنا نشتدّ بإيمان متجدّد، نشتدّ إلى رؤية الحياة الأبديّة التي هبطت عليهم وأخذتهم وتأخذنا نحن أيضًا كلّما أقمنا الذبيحة الإلهيّة وكنّا إلى المسيح شاخصين.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: أعمال الرسل ٦: ١-٧

في تلك الأيّام لـمّا تكاثر التلاميذ حدث تذمّر من اليونانيّين على العبرانيّين أنّ أراملهم كنّ يُهمَلن في الخدمة اليوميّة، فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ وقالوا: لا يحسُن أن نترك نحن كلمة الله ونخدم الموائد، فانتخبوا أيّها الإخوة منكم سبعة رجال مشهودًا لهم بالفضل ممتلئين من الروح القدس والحكمة، فنُقيمهم على هذه الحاجة ونواظب نحن على الصلاة وخدمة الكلمة. فحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا إستفانوس رجلاً ممتلئًا من الإيمان والروح القدس وفيليبّس وبروخورُس ونيكانور وتيمُن وبَرمِناس ونيقولاوس دخيلاً أنطاكيًّا. وأقاموهم أمام الرسل فصلّوا ووضعوا عليهم الأيدي. وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر في أورشليم جدًّا. وكان جمع كثير من الكهنة يُطيعون الإيمان.

الإنجيل: مرقس ١٥: ٤٣-١٦: ٨

في ذلك الزمان جاء يوسف الذي من الرامة، مشيرٌ تقيّ، وكان هو أيضًا منتظرًا ملكوت الله. فاجترأ ودخل على بيلاطس وطلب جسد يسوع. فاستغرب بيلاطس أنّه قد مات هكذا سريعًا، واستدعى قائد المئة وسأله:هل له زمان قد مات؟ ولما عرف من القائد، وهب الجسد ليوسف، فاشترى كتّانًا وأنزله ولفّه في الكتان ووضعه في قبر كان منحوتًا في صخرة ودحرج حجرًا عـلى باب القبر. وكانت مريمُ المجدليّة ومريمُ أمّ يوسي تنظران أين وُضع. ولـمّا انقضى السبتُ اشترت مريم المجدليّة ومريم أمّ يعقوب وسالومة حنوطًا ليأتينّ ويدهنّه. وبكّرن جدًّا في أوّل الأسبوع وأتين القبر وقد طلعت الشمس، وكُنَّ يقُلن في ما بينهنّ: من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟ فتطلّعن فرأين الحجر قد دُحرج لأنّه كان عظيمًا جدًّا. فلمّا دخلن القبر رأين شابًّا جالسًا عن اليمين لابسًا حُلّة بيضاء فانذهلن. فقال لهنّ: لا تنذهلن. أتطلبن يسوع الناصريّ المصلوب؟ قد قام، ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنّه يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريعًا وفرَرن من القبر وقد أخذتهنّ الرعدة والدهش، ولم يقُلن لأحد شيئًا لأنهنّ كنّ خائفات.

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

قام المسيح

وليس من ميت في القبور