...

كلمة الراعي المسيح قام!

اليوم يستقبل المسيح المخلّص القائم من بين الأموات على صدره الذين اجتازوا الصيام بفرح وخشوع، وكانت أبصارهم إلى آلام السيّد وقيامته. امتُحنوا وصبروا وتطهّروا. فمن توانى له اليوم بهجة ليس مثلها بهجة، ذلك بأنّ الذي وصل متأخّرًا إلى مائدة الخلاص قد يجد كثافة فرح لم يكن ليتوقّعها. فالمائدة نزلت علينا ونحن نُقبل اليوم عليها بسبب من جوعنا إلى المسيح، الذي إذا أكلنا جسده وشربنا دمه يجعلنا نثبت فيه، ويقيم معنا ويدخلنا إلى عمق النجوى القائمة بينه وبين الآب في الروح القدس.

يكون لنا عيد إن نحن قدرنا على أن نرى الابن في انتصاره على الخطيئة المنثنية فينا والموت الذي يتأكّلنا. تذكرون قول السيّد لأخت لعازر: «أنا هو القيامة والحياة». هو قيامتي وقيامتك اليوم وليس غدًا. هي قيامة في طهارة كلّ قلب. هي قناعة النصر والحرّيّة بالمسيح. هي الاطمئنان إلى أنّ الحزن لن يستحوذ علينا في ما بعد وأنّ الموت لا سلطة له علينا. الفصح هو العبور الدائم، المحيي من السقطات إلى وجه الله المبارك. لقد بتنا خلائق جديدة منعتقة من الفساد الداخليّ. وقوّة القيامة تمكّننا من أن نقول: «من يفصلنا عن محبّة المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟» (رومية ٨: ٣٥). لا شيء يستطيع أن يعزلنا عن المسيح.

لقد نبّهنا السيّد إلى أنّه ستكون لنا ضيقات في العالم، وأنّ الدنيا قاسية على الذين يعيشون بالتقوى، وهم الذين ارتضوا أن يكون المسيح كلّ شيء في حياتهم، ويعتبرون أنّ كلّ ما عداه خسارة. لقد حلّ الفقر في الأكثرين ونجاحنا في دنيانا غير مؤكّد. ويعترينا المرض اليوم أو غدًا. وقد تتزعزع أسس عائلاتنا بسبب من انفلات عميم وقد لا يتمكّن أولادنا من الدراسة، وسوف تفتر المحبّة عند الكثيرين، وقد لا نستطيع أن نكافح الجهل الدينيّ في أوساطنا كما ينبغي أن نحاربه لكون العَمَلة قليلين. ومع ذلك لن نرزح تحت الكآبة أو تحت أيّ ضغط آخر يأتينا من الناس أو من خطايانا لأنّنا علمنا، بصورة نهائيّة وأكيدة، أنّ المسيح إذا كان فينا يكفينا كلّ شيء.

إنّ إيماننا بالقيامة يلقي علينا مسؤوليّات جسامًا إذ لا نستطيع بعد اليوم أن نعيش وكأنّ معموديّتنا غير فاعلة فينا. نحن قمنا مع المسيح وسنحيا كأناس قياميّين. فمن رأى في نفسه اعوجاجًا فليقوّمه. ومَن عرف نفسه مهملاً فليصلِّ حتّى تلهبه النعمة وتهبه حماسة. ومَن لم يمارس حتّى اليوم مسيحيّته بصورة لائقة فليباشر لأنّ مشهد الموت الروحيّ يؤذي. الذين يراقبوننا يجب أن يشاهدونا خلائق تتجدّد كلّ يوم بالروح القدس.

فليكن كلّ منّا منارة، والعائلة فلتلتحم أواصر مودّتها، ولتتعاون الرعايا لكوننا جميعًا أعضاء في جسد واحد، ولنشارك بعضنا بعضًا في خيرات الأرض، وليعتبر كلّ منّا الآخر أفضل منه وأعلى حتّى نبيد الغيرة والحسد، ولنسلك لا في شهوات الجسد ولكن حسب المسيح.

إنّ القيامة إن لم نجعلها دائمة الفعل فينا ودائمة الإضاءة تكون لنا مجرّد عيد يعبر. وأمّا إذا حوّلتنا إلى وجه يسوع تكون عيدًا مقيمًا. فلنقترب من المخلّص ولنقطع على أنفسنا بقوّة وعد الإخلاص للذي نهض

من بين الأموات، لأنّنا إن لم نكن جديرين بهذا الذي أحيانا من الظلمة لا نكون قد ورثنا شيئًا من محبّته. «المسيح قام. حقًّا قام» لن تبقى مجرّد تحية. إنّها قد صارت بالرجاء حقيقة منقذة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ١: ١-٨

إنّي قد أنشأتُ الكلام الأوّل يا ثاوفيلس في جميع الأمور التي ابتدأ يسوع يعملها ويُعلّم بها، إلى اليوم الذي صعد فيه من بعد أن أوصى بالروح القدس الرسلَ الذين اصطفاهم، الذين أراهم أيضًا نفسَه حيًّا بعد تألّمه ببراهين كثيرة، وهو يتراءى لهم مدّة أربعين يومًا ويُكلّمهم بما يختصّ بملكوت الله. وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم بألاّ تبرحوا من أورشليم بل انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منّي، فإنّ يوحنّا عمّد بالماء وأمّا أنتم فستعمَّدون بالروح القدس لا بعد هذه الأيّام بكثير. فسأله المجتمعون قائلين: يا ربّ أفي هذا الزمان تردّ الـمُلْك إلى إسرائيل؟ فقال لهم: ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة أو الأوقات التي جعلها الآب في سلطانه، لكنّكم ستنالون قوّة بحلول الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي جميع اليهوديّة والسامرة وإلى أقصى الأرض.

 

الإنجيل: يوحنّا ١: ١-١٧

في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وإلهًا كان الكلمة، هذا كان في البدء عند الله. كلٌّ به كان، وبغيره لم يكن شيءٌ ممّا كوِّن. به كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، والنورُ في الظلمة يضيء والظلمة لم تُدركه. كان إنسان مرسَل من الله اسمه يوحنّا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمنَ الكلُّ بواسطته. لم يكن هو النور بل كان ليشهد للنور. كان النورُ الحقيقيّ الذي ينير كلّ إنسان آتٍ إلى العالم. في العالم كان، والعالم به كُوِّن، والعالم لم يعرفه. إلى خاصّته أتى وخاصّته لم تقبله، فأمّا كلّ الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يكونوا أولادًا لله الذين يؤمنون باسمه، الذين لا من دمٍ ولا من مشيئة لحمٍ ولا من مشيئة رجلٍ لكن من الله وُلِدوا. والكلمة صار جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبصرْنا مجده مجدَ وحيد من الآب) مملوءًا نعمة وحقًّا. ويوحنّا شهد له وصرخ قائلاً: هذا هو الذي قلتُ عنه إنّ الذي يأتي بعدي صار قبْلي لأنّه مُتقدِّمي، ومن مِلئه نحن كُلنا أخذنا، ونعمةً عوض نعمة، لأنّ الناموس بموسى أُعطي، وأمّا النعمة والحقّ فبيسوع المسيح حصلا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

المسيح قام!