...

الصبر والاحتمال في خبرة التعرّض للتنمّر والسخريّة

من الصعوبات التي نمرّ بها في حياتنا والتي تستمرّ آثارها السلبيّة لفترة طويلة هو التنمر. والتنمّر لا يصيب الأطفال فقط، إذ يمكن أن نتعرّض له في مختلف مراحل الحياة، لكونه صادرًا عن نوعيّة الأشخاص من حيث تصرّفاتهم الهدّامة التي لا تحترم مشاعر المحيطين بهم.

ما يهمّنا في هذه العجالة، هو أن نركّز على من يقع ضحيّة هذا التنمّر. فتتشوّه عنده صورة الذات تشوّهًا كبيرًا، وتقع نفسه في خوف شديد هو، في غالب الأحيان، غير مبرّر أو من دون سندٍ واقعيٍّ حقيقيّ.

هناك درجات عدّة تصف خطورة الوقوع ضحيّة التنمّر، وأعلاها هو عندما تتعطّل وظائفنا اليوميّة من مأكل أو مشرب أو عدد ساعات النوم. ويمكن للضرر أن يظهر بزيادة كبيرة أو بندرة غير واضحة لهذه الوظائف. وعادة ما يصحبها فقدان الثقة بالذات.

نعم، عرف يسوع التنمّر في مراحل عدّة من مراحل إذاعة بشارته. فعيّر بأنّه «ابن نجّار» وسخر منه أقرباؤه وقالوا عنه «إنّه مختل العقل» (مرقس ٣: ٢١) وعلى الصليب تحمّل سخرية المجتمع بجميع فئاته، وانتقد لا في نقطة ضعفه بل في صميم نقطة قوّته «خلّص آخرين ونفسه فما يقدر على أن يخلّصها».

الآلام الناتجة من التنمّر تكاد تفوق الآلام الجسديّة وتمتدّ في الزمن ولسنوات، فما يمكننا فعله لنتحرّر من هذا النير من دون إهمال المساعدة النفسيّة المتخصّصة. والهيئات التربويّة أصبحت مجهّزة بهذه الاختصاصات في المدارس والجامعات ومجّانًا، سأكمل بعرض المساعدة الروحيّة التي يمكننا تقديمها فتتجلّى بأربع مراحل:

– المرحلة الأولى تتمثّل باليقين أنّ يسوع معنا في كلّ أزمات حياتنا، يرافقنا ويرفعنا من واقعنا، ويتعامل معنا بمحبّة وتقدير. «هل تؤمن؟» موقف شدّد عليه يسوع قبل إتمام أيّة معجزة.

– المرحلة الثانية حيث يسوع يبلسم جرحنا، ويشفي كلّ نقص فينا ويتعاطى معنا بحسب موهبتنا، أي يتعاطى مع ما هو قويّ فينا، «هلمّ إليّ بالخمس خبزات والسمكتين».

– المرحلة الثالثة: يسوع يساعدنا على تقبّل ضعفاتنا والعمل على تطوير ذواتنا من أجل حياة أفضل، «أتيت لتكون لهم حياة ولتكون أوفر».

– أمّا المرحلة الرابعة فعندما يعلّمنا يسوع كيف نسامح ونغفر لمن أساء إلينا، فنترك له زلاّته كما يترك لنا أبونا السماويّ زلاّتنا.

لا تخضع هذه المراحل لترتيب معيّن بالضرورة. فيمكن للضحيّة أن يبدأ بواحدة ويقفز فوق أخرى أو يعود إلى خطوة سابقة بحسب نموّه الروحيّ. إلّا أنّ ما هو ضروريّ، هو أن نشعر بمن أوصانا الله بهم،

من أهل وأقارب وأصدقاء، فنعطيهم الوقت الكافي لسماع مشاكلهم ونرافقهم في طريق الحياة، حيث الله هو مرشدنا الحقيقيّ.

 

 

Raiati Archives

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الصبر والاحتمال

في خبرة التعرّض للتنمّر والسخريّة