...

 من تعليمنا الأرثوذكسيّ: رؤية الله

 

التلميذ: تكلّمتَ في لقائنا السابق على مجيء المسيح الثاني، وكنّا قد تحدّثنا قبلاً عن الدينونة. أودّ أن أسألك اليوم: في نهاية العالم، هل سنعرف الله تمامًا؟

المرشد: الله لا يُعرَف. أن نعرف وأن نفهم مفهومان يعودان إلى العقل البشريّ. لنعرف مثلاً طبيعة النبات والماء والمعادن والحيوان، أو أيّ مادّة أخرى نقوم بتحليلها ويمكننا بذلك أن نعرفها جزئيًّا. لكنّ الله غير مُدرَك بالنسبة إلى عقلنا. هل تذكر قصّة برج بابل لمّا لجأ البشر إلى ذكائهم ليعرفوا الله. لكنّهم فشلوا. ونحن بالعكس عندما يأتي الله إلينا ونفتح قلبنا لحضوره يحدث شيء آخر غير المعرفة بواسطة الحواسّ والعقل. هناك وحدة بين الله وبيننا.

التلميذ: أعطني مثالاً أو صورة للتوضيح…

المرشد: هل تذكر أيقونة التجلّي؟ رُسمت حول أشعّة تنبثق من المسيح. كلّ شخص لامسه شعاع من النور غير المخلوق، كلّ شخص يقتبل نصيبًا أو حصّة من المجد الإلهيّ. ومع ذلك يبقى الله غير مُدرَك في كيانه، في جوهره. يبقى إلى الأبد غير مُدرَك كما يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم في القدّاس الإلهيّ قبل الكلام الجوهريّ: «… أنت الإله الذي لا يحدّه عقل، غير المنظور، غير المُدرَك، الدائم وجوده، الثابت الوجود..».

التلميذ: إذًا من المستحيل معرفة ما هو الله…

المرشد: جوهر الله (أي ما هو الله بطبيعته) لن يستطيع إنسان على الإطلاق معرفته. من أجل هذا يحذّرنا العهد القديم من مثل هذه الجرأة: «لا يستطيع الإنسان أن يرى الله ويحيا» (خروج ٣٣: ٢٠). ومع ذلك يهبنا الله ذاته. النور غير المخلوق، الأنوار التي يشعّها على الأنبياء والرسل والتي تكلّمنا عليها في أيقونة التجلّي. إنّها النعمة، إنّها الروح القدس، إنّها هبة الله التي تجعلنا نحيا ونتقدّس…

التلميذ: أنا أعرف أنّ الله أتى إلينا بالتجسّد..

المرشد: نعم. المسيح عبر جسده يعطينا النعمة ذاتها، أي الروح القدس في المناولة في المعموديّة… لنصبح قدّيسين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 من تعليمنا الأرثوذكسيّ: رؤية الله