...

صَلِيبُ المَسِيحِ

 

 

 

خاتمة رسالة بولس إلى أهل غلاطية، كتبها بولس بخطّ يده بأحرف كبيرة يونانيّة منفصلة عن بعضها البعض.

يقول أنَّ فرائض الشّريعة، كالختان، قد زالت، وهي من هذا العالم. أمّا الإيمان بيسوع المسيح فهو العامِل بالمحبّة (غلا 5: 6).

الإفتخار، هنا، هو بصليب ربّنا يسوع المسيح، لأنّه تعبير فائق عن المحبّة حتّى الموت: “هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة” (يوحنَّا 3: 16). هذا ما يأتي في “الأنافورة”، تقدمة الذّبيحة في القدّاس الإلهيّ.

*  * *

نعم أيّها الأحبّاء، “حاشى لي أن أفتخر إلَّا بصليب ربّنا يسوع  المسيح”، حتّى ولو تعرَّضْتُ للإضطهاد. هذا لأنّه أَحَبَّنِي حتَّى الموت، وكشف لي بهذه الطّريقة أنّ “الله محبّة” (1 يوحنَّا 4: 16).
 

“صُلِبَ العالمُ لي”، أي عالم الإغتراب والهجرة عن الله. دَرْبُ الصّليب غَدَا رُجوعًا إلى الوطن الحقيقيّ، و”أنا صُلِبْتُ للعالم” مع الأهواء والشّهوات (غلا 5: 24). هكذا نصبح “خليقةً جديدةً”، ولادةً جديدةً، مُبْدِعِين مع الله (co créateurs)، كما يقول آباؤنا القدّيسون، لأنّنا لم نَعُدْ نسلك بحسب الجسد بل نتصرّف بنعمة الرّوح الإلهيّ. هذه هي المسيحيّة الحقيقيّة المنزَّهَة عن كلّ شهوة بشريّة ناتجة عن الطّبيعة السّاقِطَة.

*  * *

هذا العالم المعاصِر لن يتجدّد إلَّا بالرّجوع إلى المسيح، الإله الحيّ. لن تنفعنا العبادات الحديثة من مال وذهب أسود ورفاهية الجسد، ولا الدّيانة إلى فرائض وشرائع قديمة مهما تجبَّرَت. كلّها بادَتْ بدون رجعة مع صليب ربّنا وإلهنا يسوع المسيح وقيامته المجيدة.

 

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

عن “الكرمة”، العدد 36، الأحد 7 أيلول 2014

الأحد قبل رفع الصَّليب

 

 

 

 

 

صَلِيبُ المَسِيحِ