...

الوحدة المجمعيّة

 

 

 

الكائنُ الإلهيُّ كائنُ حَرَكة: حركةِ حُبٍّ دائريّة. “كُلُّ ما هو لي هو لكَ، وكُلُّ ما هو لكَ هو لي” (يوحنّا 17: 10) “لِيَكُونوا واحداً كما نحن واحد” (يوحنّا 17: 11) أن نكونَ واحداً في وحدةٍ مماثلةٍ للثالوث، للوحدة الإلهيّة.
هذا هو عملُ الرّوحِ القُدُس: رُوحِ الله الذي يَجمع ولا يُفرّق لا كَرُوحِ العالم “جئتُ لكي أجمع المتفرّقين إلى واحد” هكذا يُعرف روحُ المسيحِ يسوع. الربُّ كائنُ حَرَكة، كائنُ مَحبّة، كائنُ شَرِكة être de communion وعلينا أن نتمثّل به.
في المجمع المقدّس هذه الروح بالضبط هي التي ينبغي أن تحرّك السادة الأساقفة الأعضاء. هي تجعل الحوار مثمراً موفِّقاً للمواهب المنوّعة، فيستقيم الرأي العامّ ويصبّ في القرار المناسب.

* * *

الكنيسة جسد المسيح بحسب تعريف الرسول بولس، امتداد المسيح في العالم. والمسيح حملٌ ذبيحٌ ظافرٌ ممجَّدٌ منذ إنشاء العالم. (رؤيا 5: 6 و)12 و( 1 بطرس 1: 19-20) لذلك الكنيسة مقدّسة بذبيحة الربّ. ووحدة التلاميذ تكون مُوَطَّدةً بِرُوحِ الذّبيحة
مع يسوع ومع الآب. الاِبنُ يُرسِّخُ تلاميذهُ في اتِّحادِهم معه ومع الآبِ بِرُوحِ الذّبيحة: هم القطيع الصغير (لوقا 12: 32). هم “ملح الأرض” الذي يعطي الطَّعمَ للطّبخة بعد أن يذوب. هم نُورُ العالم، كالشمعة التي تذوب لكي تنير الآخرين. هم الخميرة الصالحة التي تخمّر العجين كلّه. نعم، الكنيسة جماعة المؤمنين بيسوع، تتقدّس بروح الذبيحة وتتوحّد. لن تخلو من المحن والشدائد والتجارب والاضطهادات، ذلك لأجل التوبة لأجل أن تتنقّى من خطاياها “أُذكُرْ مِن أين سقطتَ وَتُبْ…” (رؤيا 2: 5).

* * *

والرّبُّ يسوع المسيح في صلاته الكهنوتيّةِ يعود دائماً ويصلّي من أجل التلاميذ، من أجل الكنيسة، من أجل العالم كلّه: “ليكونوا واحداً كما أنا والآب واحدٌ” (يوحنا 17: 21-23) هذا هو سرُّ الثالوثِ القدّوس: محبّة متداخلة موحّدة وشاملة. “ليكون الحبّ الذي أحببتني به” (يوحنا 17: 26) ويخلص بكلامه عن الوحدة الغاية “وأكون أنا فيهم” (17: 26).

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 42، الأحد 18 تشرين الأوّل 2015

 

 

 

 

 

 

الوحدة المجمعيّة