...

العائلـــة

 

 

 

العائلة المسيحيّة كنيسة صغيرة. يقول النبي إشعياء “هاءنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله” (إشعيا 8: 17).
نعم، العائلة مهدَّدَة اليوم بالتفكُّك وبخاصَّة العائلة المسيحيّة. الطَّلاق، إحصائيًّا، يزداد سنة بعد سنة. والسَّبب الرئيسي يعود إلى البُعد عن الكنيسة.

القضيَّة ليست شكليَّة، إنَّها قضيّة مبدئيّة. ماذا يمنع الرجل أن يطلِّق امرأتَه أو العكس بالعكس إذا ظهر خلاف بينهما؟ ما الَّذي أو من الَّذي يجمعهما أصلاً؟ يقول الكتاب المقدّس:

“يترك الرجل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته فيصيران جسدًا واحدًا، وما جمعه الله فلا يفرِّقه إنسان” (أفسس 5: 31).

إذا كانت العائلة المسيحيَّة كنيسة صغيرة، فهي إذًا بيت الله أو هيكل الله. هذا يفترض أن يكون الله، المسيح الإله، ساكنًا فيها وبين أعضائها.

إذًا، لا يكفي الحبّ العاطفيّ، الجنسيّ، لكي يجمع بين الجنسين. يصبح الرجل والمرأة جسدًا واحدًا إذا اشتركا بالمسيح، بجسده ودمه الكريمين. بعبارة أخرى، المسيح هو الَّذي يجمع بين العروسين، هو الَّذي يجعل الرجل أو المرأة يتنازل حين وقوع الإشكال بينهما.

* * *

وماذا نقول عن مصير الأولاد إذا حلَّ الطلاق بين الوالِدَيْن؟ هناك تقع الكارثة فيصبح الأولاد كبش المحرقة.

من يضمن توازن شخصيّة الولد إذا كان أبوه غائباَ أو كانت أمّه غائبة، أو قُلْ بخلافٍ مع الآخَر؟ كيف يتكوَّنُ بعد ذلك مجتمعٌ صحيحٌ صالِح؟ وحدها قوّة الله قادِرَة حينئذٍ أن تُثَبِّتَ نفسيَّة الولد المتروك يتعذَّب وحده، يلتجِئ إلى الطبيب النفساني الأَخِصَّائي ولا يرتوي غليله. حنان الأمّ، أُبُوَّة الأب، هذا كلّه ناقِص، تُرَى من يستبدله أو من يعوِّض عنه؟
عبثًا تحاولون تطوير الأَبحاث العلميَّة في هذا الشأن، كلّها لا تكفي إذا لم تتوفَّر عائلة متراصَّة بين أعضائها يجمعها الحُبّ وليس أيّ حُبّ، إذ هناك الحُبّ الإلهيّ الضامِنُ كلّ شيء كونه مَنْبَع الحياة الحَقَّة الكامِلَة.

* * *

نشكرُ الله أنّنا في بلادِنا المشرِقِيَّة نحن بعدُ متمسِّكُون بنظامِ العائِلَة المبنيِّ على الإيمان بالله. وقد بدأ الكيان يتزعزع وعشق الدُّنيا وما فيها يهدِّدُ الكَيان العائليّ.

إحذَرُوا من هذا الشَّيطان الَّذي يُقَوِّضُ أساسات البيوت، وتمسَّكُوا بمبادِئ آبائِكم القدِّيسين وتعاليمهم قبل فوات الأوان.
السَّعادَة كلُّ السَّعادَة تبقى في بناء عائلة مسيحيَّة تُسَبِّحُ الله في كلِّ جوانب حياتها، وتُثْمِرُ ثَمَرًا طَيِّبًا للمجتمع والوطن.

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 50، الأحد 9 كانون الأوّل 2012