...

السُّلطة

 

 

 

“من أراد أن يكون فيكم أوّلاً فليكن للكلّ خادماً” (متّى 20: 26).
 

ليس من معرفة أكبر من التي تنتج عن المحبّة. “أحبب الله من كلّ قلبك وقريبك كنفسك” (متّى 22 : 37-39).
 

ليس هناك من محبّة غير التي تنتج عن علاقة شخصيّة. الله ليس غريباً لنا وعنّا، نعرفه لأنه أصبح شخصاً أحبّنا ونحبّه. لقد قال لموسى “أنا أكون الذي سوف أكون معك” (خروج 3: 14).
 

الشخص يَعتلن في وجه المسيح. كلّ إنسان مهما كان فقيراً مهما كان صغيراً، معلَنٍ في المسيح هو أثمن من الكون بأسره. هناك شخص وهناك مؤسّسة. كلّ شخص، مهما كان صغيراً، في المؤسّسة، هو أهمّ من كلّ المؤسّسات. كلّ إنسان فريد من نوعه له قيمة مطلقة. العامّ لا يفوق على الخاصّ. الكنيسة ليست مؤسّسة، هي جسد المسيح. كلّ شيء يُفرض بالقوّة ليست له قيمة في نظر الله. من هنا أنّ ملكوت الله تسود فيه المحبّة لا السلطة، فيه سلطة الحبّ، سيادته المحبّة . كيف نفهم السلطة في الكنيسة؟ السلطة exousia واردة في الأناجيل، أُعطيت  للرسل “كي يربطوا ويحلّوا”. حاول الشيطان أن يعطيها
 للمسيح لكنّ هذا الأخير رفضها لأنّه كان يبحث عن شيء آخر. السلطة المعطاة للمؤمنين هي أن يصبحوا أبناء الله. السلطة في الكنيسة هي إذاً موهبة المحبّة لا التسلّط بالقوّة.

 

الهيرارخيّة قائمة في الدولة وهناك رئيس على قمّة الهرم. جاء المسيح ليقلب الصورة رأساً على عقب: الملك بالنسبة اليه يقف على قاعدة الهرم، على الهرم مقلوباً، يحمل ثقل المسكونة كلّها. هو ضابط الكلّ بمعنى أنّه حامل المسكونة بسلطة تواضعه، صبره ومحبّته.

“ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (متّى 20: 28).
 

الله عندنا هو كائن علاقة. حياة الله الحقيقيّة هي العلاقة الثالوثيّة، علاقة حبّ. لذلك علينا أن نتعلّم كيف نحبّ، كيف نُنكر أنفسنا، كيف نتفانى من أجل الآخر. هذا كلّه لأن المحبّة تتطلّب تضحية. هكذا كانت حياة يسوع: خدمة الآخرين. “أخونا هو حياتنا الخاصّة” يقول القدّيس سلوان.

 

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 49، الأحد 6 ك1 2015

 

 

السُّلطة