...

كلمة الراعي انحناءات المعمدان         أمام الله والإنسان  

 

ايسبقنا يوحنّا إلى العيد ويهيّئه لنا ويهيّئنا له. محبّته وتكريسه كاملان في خدمة ما أُوكل إليه من دور في إطار التدبير الخلاصيّ. لقد ضبط مرقس ساعة بدء الإنجيل على ساعة يوحنّا المعمدان بالشهادة له ولدوره كسابق للمسيح. هكذا عيّن لنا ساعة الصفر في الآية الافتتاحيّة: «بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله… ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيّئ طريقك قدّامك» (مرقس ١: ١-٢).

(ΜΑΡΚΟΣ 1:1-2)

بالفعل يوحّنا هو صديق العريس الذي يهيّئ له، ثمّ يتوارى ليتركه مع إخوته الذين اتّخذهم له باتّخاذه طبيعتهم البشريّة وبخدمته إيّاهم على مائدة الخلاص. على هذا المنوال طالعنا الإنجيل بالشهادة بشأن المعمدان على شكل صوت يختفي من بعد أن يصدر عن صاحبه ويذهب إلى مسامع الحاضرين، ولا يبقى أثره إلّا بالدرجة التي ينحفر في قلوبهم ويطبع وجدانهم ويحفّزهم على تحقيق مضمونه في حياتهم: «صوت صارخ في البرّيّة: أعِدّوا طريق الربّ، اصنعوا سبله مستقيمة» (مرقس ١:٣).

(Μαρκ.1:3)

انحنى يوحنّا مرّة أولى عندما قام بدوره. فهو انحنى أمام الجموع التي أتت لتعتمد منه في الأردنّ، ليس فقط لأنّ عمليّة العماد ذاتها تتطلّب منه هذه الحركة، بل بالأكثر لأنّ المعتمِدين منه من «جميع كورة اليهوديّة وأهل أورشليم»، قد أتوه «معترفين بخطاياهم» (مرقس ١: ٤). فخدمة كهذه تتعاطى مع الإنسان المعطوب بفعل الخطيئة تحتاج إلى انحناء على هذا الواقع لمداواته. وهو بسبب هذه الانحناءة الداخليّة والقلبيّة استطاع أن يكون كالمغناطيس الذي جذب إليه جموع اليهود، ووضعهم على سكّة التهيئة الصحيحة والمناسِبة لقبول مَن يأتي بعده.

لكنّه انحنى أمام الله قبل هذه المرّة وبعدها. انحنى أمامه بقبوله دور التهيئة المنوط به، فكان العرّاب بامتياز لهذا الشعب في طريق التوبة، وكان السابق لـمَن أتى ليخلّص هذا الشعب من خطاياه. وانحنى بعدها أمام مَن يأتي بعده، مَن هو أقوى منه، الذي ليس هو أهلًا لأن ينحني ويحلّ سيور حذائه

 (مرقس ١: ٧)، عندما عمّده وهو يعرف مَن يكون.(Μαρκ.1-7)         

وانحنى مرّة أخيرة أمام الاثنَين معًا، أمام الله والإنسان، في مشهد العرس، والذي فيه أخذ هو دور صديق العريس الذي يفرح للعريس ويتوارى أمام ظهوره وعند اعتلانه، كما حصل لـمّا قدّمه إلى تلاميذه وقدّمهم إليه.

هذه الانحناءات الخفرة والطابعة لوجدان الشعب حينها، وللكنيسة حتّى اليوم، حرّكتها بوصلة واحدة. رأينا الاتّجاه واضحًا لهذا السابق حينما أسّس عمل التهيئة على أساس إنسان القلب الداخليّ، الذي يجعل سبل حياته مستقيمة بحسب وصايا الربّ: «أعِدّوا طريق الربّ، اصنعوا سبله مستقيمة» (مرقس ١: ٣). وهو نفسه هدى بهدَي هذه الوصايا كثيرين ممّن أتوه سائلين الإرشاد والنصح (لوقا ٣: ١١-١٤). ورأينا أيضًا عمل هذه البوصلة في توجيه عمل الاستعداد إلى الشخص الذي بيده المقدرة على حلّ الخطايا بنعمة الروح القدس: «أنا عمّدتكم بالماء وأمّا هو فسيعمّدكم بالروح القدس» (مرقس ١: ٨).

لم يأنف يوحنّا من أن ينحني أمام الخطأة الذين قصدوه، ولا أمام البارّ الذي طلب منه أن يعتمد على يده. بخدمة يوحنّا كسابق، رفع الخطأةَ لكي يستقبلوا المسيح، ورفع المسيحَ أمام أعين الشعب لكي ينتظروه ويذهبوا إليه ويجدوا الخلاص به. هذا فعله بمعرفة بالسرّ وإدراكه، فقد عرّف عن يسوع على أنّه «حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم» (يوحنّا ١: ٢٩). هكذا وجد نفسه أنّه مرفوع بمَن كن سابقه وهيّأ له طريقه. ساعدته البوصلة التي استعملها على أن يخفض نظره وأن يرفعه بآن واحد، بحيث يرفعنا معه إلى حيث المسيح قائم.

هذا كلّه كان من حنان الله وانحنائه إلينا بشخص السابق. حنَّ الله علينا بيوحنّا- وهذا معنى اسمه- إذ شقّ لنا طريق العرس الذي يجمعنا بيسوع. مظهر يوحنّا بلباسه وبر الإبل ومنطقة من جلد على حقوَيه، كان لباسًا لائقًا بأبناء الملكوت وبأعظم «المولودين من النساء» (متّى ١١: ١١)، لأنّه، في العمق، كان كلّه لله. هوذا الآن واقف يقرع بابنا ويسألنا عن نوعيّة تكريس ذواتنا لله من جهة، واستقامة توبتنا وإيماننا وشهادتنا من جهة أخرى. فهو يرغب في الاطمئنان علينا حتّى لا يذهب جهده سدى أو حتّى لا تذهب حياتنا سدى. رسالته إلينا اليوم هي التالية: ها أنا أدعوكم إلى الوقوف على قمّة جبل التجلّي، حتّى تتجلّوا بلباس معموديّتكم، فلا تخذلوا صاحب الدعوة! هلّا انحنينا أمام هذه الدعوة ولبّيناها بتجديد العهد الذي قطعناه في المعموديّة أو قطعه عرّابنا عنّا وباسمنا، وأيضًا بمساعدة إخوتنا على أن يستجيبوا لها؟

+ سلوان
مطران جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

==========————————====================—————————===================

Επιστολή 2- Τιμόθεος  4:5-8                                                                          الرسالة: ٢ تيموثاوس ٤: ٥-٨

يا ولدي تيموثاوس تيقّظ في كلّ شيء واحتمل المشقّات واعمل عمل المبشّر وأوفِ خدمتك. أمّا أنا فقد أُريق السكيبُ عليّ ووقت انحلالي قد اقترب. وقد جاهدتُ الجهاد الحَسَن وأتممتُ شوطي وحفظت الإيمان. وإنّما يبقى محفوظًا لي إكليل العدل الذي يُجْزيني به في ذلك اليوم الربّ الديّان العادل، لا إيّاي فقط بل جميع الذين يحبّون ظهوره أيضًا.

 

Ευαγγελικό:  Μάρκος 1:1-8

الإنجيل: مرقس ١: ١- ٨  

بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله كما هو مكتوب في الأنبياء: ها أنذا مرسل ملاكي أمام وجهكَ يهيّئ طريقك قدامك. صوتُ صارخ في البرّيّة أعدّوا طريق الربّ، اجعلوا سبله قويمة. كان يوحنّا يعمّد في البرّيّة ويكرز بمعموديّة التوبة لغفران الخطايا. وكان يخرج إليه جميع أهل بلد اليهوديّة وأورشليم فيعتمدون جميعهم منه في نهر الأردنّ معترفين بخطاياهم. وكان يوحنّا يلبس وبر الإبل، وعلى حَقَويهمنطقة من جلد، ويأكل جرادًا وعسلاً برّيًّا. وكان يكرز قائلًا: إنّه يأتي بعدي من هو أقوى منّي، وأنا لا أستحقّ أن أنحني وأحلّ سَيْر حذائه. أنا عمّدتكم بالماء، وأمّا هو فيعمّدكم بالروح القدس.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

انحناءات المعمدان        
أمام الله والإنسان