...

من تعليمنا الأرثوذكسي: المتكبّر والمتواضع

التلميذ: هل تشرح لي من هما الفريسي والعشار اللذان يتكلم عنهما الإنجيل، وما علاقتنا نحن بهما؟

المرشد: تقرأ لنا الكنيسة هذا المَثل الإنجيليّ اليوم لتُدخلنا في فترة التهيئة للصوم ولتُعلّمنا ان أعظم فضيلة هي التواضع. يسوع يُعلّم بالأمثال، أي انه يحكي قصة نتعلّم من مغزاها. كلّمَنا عن رجلين ذهبا إلى الهيكل ليصلّيا. غاية الإثنين جيّدة وهي الصلاة. انهما من المؤمنين المداومين على الصلاة. مغزى القصة أن المتواضع الذي لم يطلب سوى رحمة الله رجع إلى بيته مُبَرَّرا، والمتكبّر الذي لم يتكلّم الا عن نفسه لم تُسمَع صلاته.

 

التلميذ: ولكن من هما الفريسيّ والعشّار؟

المرشد: شخصيتان اختارَهما يسوع من المجتمع الذي حوله ليفهم السامعون بشكل أفضل خطأ الفريسيّ المتكبر وأهمية تواضُع العشار: الفريسيّ يهوديّ ينتمي الى جماعة تفتخر بطبيق الشريعة اي التعاليم الإلهية حرفيا، وهو من كبار القوم. اما العشّار، أي جابي الضرائب، فينتمي إلى فئة من الناس من طبقة دنيا متّهمة بالسرقة. انظر حولك، لا شك انك ستجد أمثلة تشبه كل واحد منهما: شخص غنيّ، مثقّف، ذو مركز مرموق، ليس سيئا بالكلية، لكنه يركّز على نفسه. وآخر فقير من طبقة اجتماعية متدنّية… وتُكمّل القصة دون ان تدين أحدا.

التلميذ: قلتَ ان الفريسي ليس سيّئًا. لماذا؟

المرشد: ليست صلاة الفريسي سيّئة بالكلية، فهو يصلّي ويصوم ويتصدّق، ولا يدّعي أن له الفضل وحده في كل ما يصنع من أعمال صالحة، بل يشكر الله عليها. لكنه يخطئ من ناحيتين: أولاً، ينقصه الندم والتواضع، وكأنه لا يعي أنه مقصّر ككل البشر. وثانيا، يُقابل نفسه بالعشّار ويحتقره ويتكبّر عليه.

التلميذ: والعشّار، لماذا هو أحسن من الفريسي؟

المرشد: لأنه يعترف بأنه خاطئ ولا يجسر أن يرفع رأسه، وهذه وضعيّة جسدية للتواضع، وأيضا لأنه لا ينظر إلى نفسه بل يلتمس رحمة من الله. يعتقد الكل أن العشار تبرَّر لانه اعترف بأنه خاطئ ووقف باتضاع أمام الله. لكن هناك أكثر من ذلك: صلاته نداء ملؤه الثقة بالله «يا الله ارحمني أنا الخاطئ». أظنّ ان هذا ما يطلبه يسوع من كل واحد منا.

 

التلميذ: ونحن كيف ينطبق هذا المثل علينا؟

المرشد: المطلوب منا أن نعترف بخطايانا ونضع ذواتنا أمام الله ممتلئين ثقة بحنانه ورحمته، ونقول مع العشّار: يا الله ارحمني أنا الخاطئ. أودّ أخيرا أن أَلفتك إلى أن الصلوات الكنسيّة لهذا الأحد تتمحور كلها حول إنجيل الفريسي والعشار، وتُعلّمنا كيف نتصرّف مثلا: «لنهرُبنّ من كلام الفريسيّ المتشامخ، ونتعلّم بالتنهّدات تواضُع العشّار، هاتفين إلى المخلّص: اغفر لنا أيها الحَسَنُ المصالحة وحدك».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من تعليمنا الأرثوذكسي: المتكبّر والمتواضع