...

أحد الابن الشاطر

أحد الإبن الشاطر

 

 

باسم الآب والإبن والروح القدس آمين.

سمعتم أيها الأحباء هذه القصة قصة الإبن الشاطر الذي ابتعد عن أبيه ثم تاب وعاد إليه سالماً. موضوع هذه القصة يتمحور حول التوبة،  الذي هي (أي التوبة) صلب هذا الصوم المبارك الآتي إلينا بخير، وهي موضوع الحياة كلّها.

 نحن المسيحيين إذا كنا نعرف مسيحيتنا وإنجيلنا وإيماننا نتعلم أن معنى هذه الحياة، كامنٌ في ما كشفهُ لنا الرب يسوع هو في هذا السرّ، سرّ الموت والحياة! الذي يتأمل في هذا السرّ يجدُ معنى لحياته كُلِّها. هو سرّ محبة الله هذا ما يقوله آباؤنا القديسون.

وما معنى الموت والحياة؟ الإنتقال من الموت إلى الحياة يُدعى التوبة.لذلك وُضع الصوم، لكي نحاول أن ننتقل من الموت إلى الحياة الحقيقية، الموت بمعناهُ العميق والكامل ليس فقط الموت الجسدي، الكنيسة تُسمّي الموت الجسدي رقاداً، نوماً. الإنسان المؤمن لا يموت ينتقل من هذه الحياة إلى الحياة الأبدية، هذا هو إيماننا.
 

*****

 الإبن الشاطر ترك والدهُ وذهب يعيش بحريته. وهذا هو اليوم منطق الإنسان المعاصر، الحضارة اليوم تقول أن كل واحد في العالم يريد أن يعيش حسب حريته أن يستقلّ!  هذا الولد الطائش وكلنا نمرّ بهذه التجربة، أي أن نعيش حسب هوانا، حسب شهواتنا، ندخل في الموت لأننا نبتعد عن محبة أبينا، عن محبة الله ومحبة الآخرين. نُعبد أنفسنا، نحب فقط أنفسنا هذا ما فعله الإبن الشاطر وذهب آخذاً حريتُه وتلذّد بكلِّ ما عنده من شهوات، عندما جاع وفقد حنان أبيه عند ذلك يقول الإنجيل رجع إلى نفسه رجع إلى الحقيقة إلى الواقع تذكّر محبة أبيه، تذكر كل ما كان يعيش فيهِ من حنان، من محبة، منإلفة، من تضحية، رجع واعترف بخطيئته، فالخطيئة هي الإبتعاد عن الله هذا هو الموت.

 رجع إلى أبيه يقول الإنجيل لأنه كان ميتاً فعاش، هل كان ميتاً بحسب الجسد؟ لا، كان ميتاً بحسب خطيئته بسبب هذه المرارة الذي كان يعيشها، رجع وعاش من جديد عندما اعترف بخطيئته.

الإنسان العظيم هو الذي يستطيع أن يعترف بخطئتهِ، عند ذلك يتوب. هذه هي التوبة أن يعود إلى أبيه وأن يعود إلى هذا الفرح الأبوي وعند ذلك ينعَم بكلُ ما أعطاهُ أبوه. 

 

*****

هذا هو معنى الصوم الذي ندخلُ فيهِ لكي نبتعد عن شهواتنا ونكتشف ونعود إلى محبة الله، إلى محبة الآخرين نخرج من ذواتنا وعند ذلك يرفع الإنسان من محبة هذه الأرض ويتعالى لكي يكتشف محبة الله وعند ذلك نصل إلى العيد عيد الفصح ونكتشف قيامتنا من الخطيئة من الذلّ من الموت، لا نعود نخاف من أي شيء يحصل في هذه الدنيا وننعم بفرح الرب وبقيامته آمين.
 

المطران أفرام (كرياكوس)

أحد الابن الشاطر