...

كلمة الراعي فعل الروح القدس

أرادت الكنيسة اليوم أن تعلمنا عن فعل الروح القدس فينا وعن تأثيره في الناس. لذلك نقرأ المقطع من بشارة متّى الإنجيليّ الذي يتحدّث فيه عن الدعوة الإنجيليّة، وعن جمع الناس إلى الله. فالروح القدس لا يكفّ عن أن يلملم الناس وأن يضمّهم إلى الله.

فكان أن تجوّل السيّد على ضفّتي بحيرة طبريّا، والتقى هناك شابّين «أخوين وهما سمعان المدعوّ بطرس وأندراوس أخوه» وقال لهما: «هلمّ ورائي». وكان هذان مأخوذين بعمل الصيد.

كلّ منا مأخوذ بشيء ما في الدنيا ويسوع يعبر في حياة كلّ إنسان، يطلّ على كلّ إنسان، ليس بصورة خارقة، ليس بأعجوبة، ولكنّه يأتينا كما يلقانا، كما نحن في حياتنا العاديّة. يأتينا ونحن في تجارة أو طلب علم أو طهي… وينقذنا ليس من أعمالنا ولكنّه يخلّصنا من تفاهتنا. يسوع لا يريد أن يخرج الإنسان من عمله، ففي بيتنا يكون الخلاص وفي مكتبنا وفي مدرستنا وفي الشارع. لا يريد الربّ أن يترك الإنسان قريته أو عائلته أو أولاده أو أيّ شيء. فالملكوت يُبنى في أيّ حال، في كلّ وضع جُعلنا فيه. الملكوت لا يكون في أن ينزوي الإنسان في الجبال أو يدخل إلى صومعة. هذا ممكن ويسوع يريده من بعض الناس لأنّه يجنّدهم في سبيله. ولكنّ الأمر الشائع أنّ السيّد يبقينا حيث نحن، ولكنّه يأسرنا فلا نبقى أسرى لعمل أو لإنسان أو لنشاط.

«هلمّ ورائي فأجعـلكـما صيّادَي الناس». هذا ما قاله أيضًا لتلميذين آخرين هما يعقوب ويوحنّا. ويوحنّا اصطاد الناس إلى درجة أنّه كتب الإنجيل الرائع، ومستَهلّه «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وإلهًا كان الكلمة». من عاملٍ بسيط أمّيّ أو شبه أمّيّ، جعله الله يتأمّل في الألوهة، في أمور الأزل التي تخلّص النفس.

«تركا شباكهما وتبعاه». لا بدّ من أن نترك حتّى نتبع. لن نترك بيوتنا وأولادنا وأشغالنا، ولكنّنا نترك الذهنيّة الفاسدة التي نتعاطى بها أمورنا، نترك الأنانيّة التي تلصقنا بأيّ شيء. كلّ مخلوق صالح، كلّ نشاط كريم، كلّ عمل مبارك، لكنّ الإنسان، في خطيئته، يفسد كلّ شيء. المسيح يتسرّب إلينا وإلى أعمالنا وبيوتنا ونشاطاتنا لكي يُدخل الطهارة إليها، ويجعل قلوبنا مطمئنّة إليه، فإذا بنا نُحلّ الملكوت حيث نكون، فيتراءى الله في ما نأكل ونشرب ونقول ونعمل. الله قائم في كلّ شيء في الأكل والشرب، في اللحم والدم، في التناسل، إذا كانت أعمالنا صادرة عن قلب يتطهّر من أجله.

قال الرسول بولس: «كلّ شيء يحلّ لي ولكن ليس كلّ شيء يوافق. كلّ شيء يحلّ لي ولكن لا يتسلّط عليّ شيء»، (1كورنثوس ١٠: ٢٣).

المسيح يعبر، المهمّ أن يبقى، أن نستضيفه في نفوسنا وفي أعمالنا وأقوالنا وأفكارنا كلّها. إذا رحّبنا به يفتح لنا مجالات السماء والأرض، وفي آخر العمر يخطفنا إليه.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: رومية ٢: ١٠-١٦

يا إخوة، المجد والكرامة والسلام لكلّ من يفعل الخير، من اليهود أوّلاً، ثمّ من اليونانيّين، لأن ليس عند الله محاباة للوجوه. فكلّ الذين أخطأوا بدون الناموس فبدون الناموس يهلكون، وكلّ الذين أخطأوا في الناموس فبالناموس يُدانون. لأنّه ليس السامعون للناموس هم أبرارًا عند الله بل العاملون بالناموس هم يُبرَّرون. فإنّ الأمم الذين ليس عندهم الناموس إذا عملوا بالطبيعة بما هو في الناموس فهؤلاء وإن لم يكن عندهم الناموس فهُم ناموس لأنفسهم، الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم وضميرُهم شاهد وأفكارهم تشكو أو تحتجّ في ما بينها، يوم يدينُ اللهُ سرائر الناس بحسب إنجيلي بيسوع المسيح.

 

الإنجيل: متّى ٤: ١٨-٢٣

في ذلك الزمان فيما كان يسوع ماشيا على شاطئ بحر الجليل، رأى أخوين وهما سمعان الـمدعوّ بطرس وأندراوس أخوه يُلقيان شبكة في البحر (لأنّهما كانا صيّادَين). فقال لهما: هلمّ ورائي فأجعـلكـما صيّادَي الناس. فللوقت تركا الشباك وتبعاه. وجاز من هناك فرأى أخوين آخرين وهما يعقوب بن زبدى ويوحنّا أخوه في سفينة مع أبيهما زبدى يُصلحان شبـاكهما فدعاهما. ولـلوقت تركا السفينة وأباهما وتبعاه. وكان يسوع يطوف الجليـل كّله يُعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الـملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

فعل الروح القدس