...

كلمة الراعي الغفران للناس

حتى يغفر لكَ الآبُ السماويّ زلاّتك يشترط أن تغفر لجميع الذين آذوك. الغفران غفرانان: عموديّ ينزل من الله الينا اذا استغفرناه، وأُفقيّ اذا غفرنا للناس وهذا في إنجيل متى شرط لغفران الرب لنا زلاتنا.

هذا مقطع من العظة على الجبل يعرج فيها متى من الغفران الى الصوم. هذان أمران يبدوان متلازمين. فإذا انتقل السيد الى الحديث عن الصوم يكلّم اليهود عن صوم طوعيّ كانوا يمارسونه ويقع الفريسيون منهم بالرياء فتصبح وجوههم عابسة، منقبضة ليدلّوا على أنهم صائمون ولا سيما أن هذا صوم طوعي.

جاء يسوع ليقول: “اذا صُمتَ فادهَن رأسك واغسل وجهك لئلا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفية”. غالبا يشير السيد الى صوم تطوّعيّ. هذا يراه الآب أنه صلة بينك وبينه. لا يستعظم الإنسان بعمل تقويّ تطوّع له. هذا عمل خفيّ منك للآب الذي يراه ولا يعطى فيه فضلٌ لك. اليوم، وإن انتقلنا من الصوم الطوعيّ الفرديّ الى صوم الجماعة ولا سيما الصوم الأربعينيّ المقدس، تبقى الصلة بيننا وبين الله.

ولكن بعد أن صار الصوم تركيبا كنسيّا يبقى أنه صلة وجدانية بينك وبين الرب وليس عليك أن تتبجّح به. ولكن في الأوساط المؤمنة، لك اذا قُدّم لك طعامٌ غير صياميّ أن تقول انك صائم فلا تأكل. واذا دعتك الى الطعام عائلة مؤمنة، لا تذهب الى وليمتها إلا اذا كنت عارفا بأنها متقيّدة بنظام الصوم، اي لا تقبل وليمة من عائلة غير مصلّية وغير متقيّدة بقواعد الصوم. وفي كل حال، زمان الصوم تتقيد فيه بقواعده ويكون واضحا لمن يدعوك أنه يحترم التزامك بقواعد التقوى.

توا بعد هذا الكلام يجيء كلام الرب عن حُب المال، ويقول السيد: “لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض… اكنزوا لكم كنوزًا في السماء” بالإيمان المستقيم والعمل الصالح. وينهي المقطع بقوله: “حيث تكون كنوزُكم هناك تكون قلوبُكم”.

المال تتعاطاه من أجل المعيشة، ولا تحبّه. “أَحبب الرب إلهك من كل قلبك”. هذا وحده تحبّه بحيث تحبّ كلامه ووصاياه وتعمل بها. قلبك ليس لهذا العالم وغناه ومجده. قلبُك الله وحده يسكنه و إياه تسمع وإياه تطيع ولا تجعل في قلبك شريكا له. اجل انت مدعوّ الى محبة كل الناس.غير أن هذه ناتجة من محبتك لله. إن لم يكن الرب موحّد قلبك وقلوب الآخرين، تكون في حالة عبودية للناس. انت مُحبّ لكل إنسان لكون الرب ساكنا فيه، لأن الله يجعلك أخا له لكونك فهمت أن الله أب لك وأب له.

في الأخوّة البشرية المرتكزة على الله، ليس أحدنا عبدًا للآخر. نعرف الآخر المختلف أخا لإيماننا بأن الله أبونا جميعا. أنت اذا غفرت لأخيك تدفعه الى الشعور بأن الله أبوه وأبوك معا، فتنكشف لك بآن أُبوّة الله وأُخوّة الآخر.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: رومية 11:13-4:14

يا إخـوة إن خلاصنا الآن أقـرب مما كـان حين آمنّا. قد تناهى الليل واقتـرب النهـار فلندعْ عنّا أعمال الظلمة ونلـبس أسلحـة النـور. لنسلكـنّ سلـوكـا لائقـا كما في النهـار، لا بالقصـوف والسِّكـر ولا بالمضاجع والعهـر ولا بالخصام والحسد، بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تهتمـّوا بأجسـادكـم لقضـاء شهـواتها. من كـان ضعيفـا في الإيمـان فاتّخـذوه بغيـر مباحثـة في الآراء. من النـاس من يعتقـد أن لـه أن يأكـل كـل شيء، أمـا الضعيـف فيـأكل بقولا. فلا يـزدرِ الذي يأكـل من لا يأكل، ولا يدنِ الذي لا يأكـل مـن يأكل، فإن الـله قد اتخذه. من أنت يا مـن تدين عبدًا أجنبيًّا؟ إنه لمولاه يثبت أو يسقط، لكنّه سيثبَّت لأنّ الله قادر أن يثبّتـه.

الانجيل: متى 14:6-21

قـال الـرب: إن غفـرتم للنـاس زلاتهـم يغـفر لكم أبوكـم السماوي أيضًا، وإن لم تغـفـروا للنـاس زلاتهم فأبوكم أيضًا لا يغفر لكم زلاتكم. ومتى صمتم فلا تكـونـوا معبّسيـن كالمـرائىـن فإنّهـم يُنكـّرون وجـوههم ليظهـروا للناس صائمين. الحـق أقـول لكـم إنّهم قد استوفـوا أجرهم. أما أنت فإذا صُمْـتَ فادهن رأسـك واغسل وجهـك لئلا تظهـر للناس صائما بل لأبيـك الذي فـي الخفيـة، وأبـوك الذي يـرى في الخـفـية يُجـازيـك علانيـة. لا تكنـزوا لكم كنـوزًا على الأرض حيـث

يُفسـد السـوس والآكلـة وينقـب السارقون ويسرقـون، لكـن اكنـزوا لكـم كنـوزًا فـي السمـاء حيث لا يُفسـد سـوس ولا آكلـة ولا ينقـب السارقـون ولا يسرقـون، لأنّه حيـث تكـون كنـوزكم هناك تكـون قلـوبكم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

الغفران للناس