...

كلمة الراعي الآباء

نعيّد اليوم لآباء المجمع المسكونيّ السابع (٧٨٧) الذي حدّد إكرام الأيقونات. تُبرز لنا الأيقونات أناسًا صاروا بالمسيح جُددًا. نلاحظ أنّ الأيقونة تُظهر القدّيس كأنّه ليس من لحم ودم. فإنّه تخطّى الوجود الجسديّ الدنيويّ ليكون جالسًا على مراتب النور في السماويّات، ومنها يطلّ علينا إنسانًا جديدًا. كلّ همّ آبائنا أن نصبح خلائق جديدة لا علاقة لها بلحم ودم، أو بيئة أو زمان مضى كأنّنا مخلوقون اليوم.

قال الرسول بولس: «ليس لكم آباء كثيرون فإنّي أنا ولدتكم بالمسيح يسوع بالإنجيل» (١كورنثوس ٤: ١٥). كلّ منّا يأتي من رجل وامرأة. هذا بدء ولكنّنا لا نقف عند هذا الحدّ. بعد أن ولدتنا أمّهاتنا عبيدًا انطلقنا إلى حرّيّة المسيح. كلّ إنسان يسعى إلى أن يكون مسيحيًّا. المسيحيّ مشروع. عُمّد لكي يسعى طوال حياته إلى أن يصير مسيحيًّا. ولكنّه لم يكمّل ولو بالحياة الأبديّة، لأنّنا في السماء نتكامل معًا، نصير معًا كنيسة مجيدة للمسيح. المسيح يلقي علينا وشاح نور ونصبح نورانيّين بهذا الوشاح الـمُلقى علينا.

لكن على الأرض ماذا يحدث لنا بعد أن صرنا مشروع بشر بالمعموديّة؟ يأتي أناس في الكنيسة ويجدّدوننا بالمسيح يسوع. هم جُدّدوا، صاروا أحرارًا، قطعوا كلّ صلة بينهم وبين هذا الجسد، بينهم وبين أنانيّة هذا العالم وسيطرته وعبوديّته، وصاروا غير مدينين لشهوة من شهواتهم أو شهوات الناس. صار الروح القدس يحرّكهم ولا تحرّكهم عصبيّة القرية أو البلد أو الطائفة أو الحزب. يهبّ الروح فيهم والسماء تحرّكهم. الإنسان السماويّ هجين مُستَغرب مُستَقبح مرذول لأنّه تذكير لأهل الأرض بأنّهم دُعوا إلى أن يصبحوا سماويّين وهم على الأرض يتحرّكون.

أهل السماء، المؤمنون الكبار يكرههم أهل الأرض. أهل الأرض الذين لا يزالون مرتبطين بالتراب، بأغراض العالم، بخديعة الشهوة، هؤلاء يكرهون السماء وليس بينهم وبين أبناء النور من شركة.

وبسبب هذا الظلام المسيطر في الدنيا، أقام الله في الكنيسة آباء قادرون على أن يكوّنوا أولادًا لله الآب. هناك من يقطع صلة البشر باللحم والدم ليقيم صلة جديدة بين هؤلاء والربّ. الله يقيم لنفسه عائلة هي الكنيسة، وليست العائلة البشريّة المكوّنة من رجل وامرأة وأولاد. لا أقصد بذلك كلّ المنتسبين إلى المسيح بالمعموديّة، لكنّي أقصد مَن وعى نفسه من جديد عضوًا لجسد المسيح، جزءًا من المسيح.

آن لنا أن نعرف بأنّنا وُلدنا ونولد في كنيسة المسيح، وفيها نصبح أناسًا جددًا بسبب أنّنا نتبع يسوع وجُعلنا للسيّد أخوة وللآب بنين.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: تيطس ٣: ٨-١٥

يا ولدي تيطس، صادقة هي الكلمة وإيّاها أريد أن تُقرّر، حتّى يهتمّ الذين آمنوا بالله في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمال الحسنة والنافعة. أمّا المباحثات الهذيانيّة والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسيّة فاجتنبها، فإنّها غير نافعة وباطلة. ورجل البدعة، بعد الإنذار مرّة وأخرى، أَعرِضْ عنه،

عالمًا أنّ من هو كذلك قد اعتسف وهو في الخطيئة يقضي بنفسه على نفسه. ومتى أَرسلتُ إليك أرتيماس أو تيخيكوس فبادرْ إلى أن تأتيَني إلى نيكوبوليس لأنّي قد عزمتُ على أن أُشتّي هناك. أمّا زيناسُ مُعلّم الناموس وأَبُلّوس فاجتهد في تشييعهما متأهّبَيْن لئلاّ يُعوزهما شيء. وليتعلّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالحة للحاجات الضروريّة حتّى لا يكونوا غير مثمرين. يُسلّم عليك جميعُ الذين معي. سلّم على الذين يُحبّوننا في الإيمان. النعمة معكم أجمعين.

 

الإنجيل: لوقا ٨: ٥-١٥

قال الربّ هذا المثل: خرج الزارع ليزرع زرعه، وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فوُطئ وأكلته طيور السماء. والبعض سقط على الصخر فلمّا نبت يبس لأنّه لم تكن له رطوبة. وبعضٌ سقط بين الشوك فنبت الشوك معه فخنقه. وبعضٌ سقط في الأرض الصالحة فلـمّا نبت أثمر مئة ضعف. فسأله تلاميذه: ما عسى أن يكون هذا المثل؟ فقال: لكم قد أُعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله. وأمّا الباقون فبأمثال كيلا ينظروا وهم ناظرون ولا يفهموا وهم سامعون. وهذا هو المثل: الزرع هو كلمة الله، والذين على الطريق هم الذين يسمعون ثمّ يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلاّ يؤمنوا فيخلُصوا. والذين على الصخر هم الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها بفرح ولكن ليس لهم أصل، وإنّما يؤمنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدّون. والذي سقط في الشوك هم الذين يسمعون ثمّ يذهبون فيختنقون بهموم هذه الحياة وغناها وملذّاتها، فلا يأتون بثمر. وأمّا الذي سقط في الأرض الجيّدة فهُم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيّد صالح ويُثمرون بالصبر. ولمّا قال هذا، نادى مَن له أُذنان للسمع فليسمع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

الآباء