...

كلمة الراعي «أنتم أيضًا تظهرون معه في المجد»

يسأل الإنسان نفسه: متى أُظهر؟ كيف أُظهرَ؟ أكثر الناس يريدون أن يظهروا، أن يُعرَفوا، أن يتحدث البشر عنهم حسنًا. لكن لوقا الإنجيلي قال على لسان المعلّم: «ويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسنًا» (٦: ٢٦).

الإنسان يرتدي ثيابًا جميلة لكي يظهر، يغتني لكي يظهر، يتحدث في مجالس الناس لكي يظهر. أما نحن المؤمنين فقد علّمَنا الرسول بولس في الرسالة التي تُقرأ اليوم: «متى ظهر المسيح حياتنا، فأنتم أيضًا تظهرون معه في المجد». إذًا لا ينبغي أن تظهروا ولا أن تفتشوا عن الظهور، بل ينبغي أن يظهر هو في مجده. وإذا جاء في المجد في اليوم الأخير ستظهرون أنتم أيضًا معه.

ولكن لهذا شروط. ما هي شروط ظهورنا مع المسيح؟ كيف نُعرَف مع المسيح؟ قال الرسول: «أَميتوا أعضاءكم التي على الأرض: الزنى والنجاسة والهوى والشهوة الرديئة والطمع الذي هو عبادة وثن». فإذا كنتم راسخين في هذه الخطايا، مرتبكين بها، مقيَّدين بها، فلستم تظهرون. تظهر خطاياكم ولا يظهر المسيح على وجوهكم. ولكن إذا تحررتم منها بسبب محبّته لكم وإخلاصكم له، عندذاك ستظهرون.

أمّا الآن، فبعد أن نُوديتم ودُعيتم إلى القداسة، وبعد أن عَرفتم انّكم معمَّدون بالحق، يتابع بولس قوله: اطرحوا الكلّ، اطرحوا كلّ شهوة. ثم يُعدّد: الغضب والسخط والخُبث والتّجديف والكلام القبيح من أفواهكم. فإذا تطهّرتم هكذا كما تطهّر البرص الذين سمعنا عنهم في الإنجيل، اذا تطهّرتم هكذا، فإنكم تخُرّون على قدمي السيّد كما فعل هذا الأبرص السامريّ عندما سجد شاكرًا للرب.

«ولا يكذبْ بعضُكم بعضًا»، لا يكذب بعضكم على بعض. الكذب ليس بشطارة. الإنسان شاطر. الذي يحبّ أن يُعرَف شاطرًا، الذي يدّعي الشطارة، الإنسان الذي يفتخر انه أخذ شخصًا آخر إلى البحر ورجع به عطشان، الإنسان الذي يعتزّ بأنّه يعرف أن يحتال ولا تضبطه الشرطة، الإنسان الذي ينتفخ بأنه استغلَّ أحدًا ولم يعرف بأمره أحد، هذا الإنسان لا يحبّه الله، يكرهه الله. قال: «لا يكذب بعضكم بعضًا، بل اخلعوا الإنسان العتيق مع أعماله». اخلعوا هذا الإنسان النتن الذي فينا، الذي يعشّش في نفوسنا. كل إنسان منا نتن، ولكن لنا أن ننتبه إلى النتانة التي فينا. فإن كل إنسان يعرف مضرّة نفسه. كل إنسان يعرف ضعفه كما يعرف أمراضه الجسدية، ولهذا يجب ان ينتبه لئلا يعود إلى أضرار روحه وسيّئات قلبه.

فاخلعوا الإنسان العتيق كما تخلعون ثيابًا عتيقة. وكما تريدون أن تتمجّدوا بثياب جديدة، هكذا تمجَّدوا بفضائل جديدة. المسيحيّ هو ذاك الإنسان الذي يلبس فضائل ولا يلبس ثيابًا تذهب إلى البلى. البسوا الإنسان الجديد، الإنسان الذي جعله فيكم المسيح بالمعمودية. هذا الإنسان يتجدّد للمعرفة، يتجدّد للمحبّة على صورة خالقه. أي ان وجه المسيح يرتسم على وجوهكم إن كنتم هكذا محبّين وخاضعين. عندئذ نطرح عنّا البلى والفساد القديم. وعندئذ لا فرق بين يونانيّ ويهوديّ، لا فرق بين هذه الفئة أو تلك، بين هذه العائلة أو تلك. لا فرق بين هذا الحيّ أو ذاك، بين هذه المدينة أو تلك. لا فرق بين بربريّ وإسكيثيّ،

وهذه الشعوب القديمة. لا فرق بين العبد والحرّ، بين الغنيّ والفقير، بين العريق وغير العريق. لا فرق، فللمسيح كلّ شيء جميل.

وإذا كان المسيح فيكم، في فضائلكم، تبحثون عنه حيثما يحلّ. لا تفتّشوا عن المسيح في تذاكر الهويّة. هذه من ورق، والمكتوب عليها من حبر. التسّميات ليست بشيء. الكلمات ليست بشيء إن كنا لا نحيا بفضائل الإنجيل، بعفّة الإنجيل، بمحبّة الناس، بالتواضع أمام الله وأمام الإخوة. وإذا كنا نتابع هذا، فنحن إذًا للمسيح، وكل الذين تجمّلوا بالفضائل هم أيضًا للمسيح. ليست القضية أن ننتسب إلى المسيح. القضية أن نكون قد أخذنا جمال المسيح أو لا نكون قد أخذنا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: كولوسي ٣: ٤-١١

يا إخوة، متى ظهر المسيح الذي هو حياتُنا فأنتم أيضا تظهرون حينئذ معه في المجد، فأَميتوا أعضاءكم التي على الأرض، الزنى والنجاسة والهوى والشهوة الرديئة والطمع الذي هو عبادة وثن، لأنه لأجل هذه يأتي غضبُ الله على أبناء العصيان، وفي هذه أنتم أيضًا سلكتم حينًا إذ كنتم عائشين فيها. اما الآن فأنتم أيضًا اطرحوا الكل، الغضب والسخط والخُبث والتجديف والكلام القبيح من أفواهكم ولا يكذب بعضكم بعضًا، بل اخلعوا الإنسان العتيق مع أعماله وألبسوا الإنسان الجديد الذي يتجدّد للمعرفة على صورة خالقه حيث ليس يونانيّ ولا يهوديّ ولا ختان ولا قلف ولا بربريّ ولا إسكيثيّ، لا عبد ولا حرّ، بل المسيح هو كلّ شيء وفي الجميع.

 

الإنجيل: لوقا ١٧: ١٢-١٩

في ذلك الزمان فيما يسوع داخلٌ إلى قرية استقبله عشرة رجال بُرص ووقفوا من بعيد ورفعوا أصواتهم قائلين: يا يسوع المعلّم ارحمنا. فلمّا رآهم قال لهم: امضوا وأَروا الكهنة أنفسكم. وفيما هم منطلقون طَهُروا. وإنّ واحدًا منهم لما رأى انه قد برئ، رجع يمجّد الله بصوت عظيم، وخرّ على وجهه عند قدميه شاكرًا له، وكان سامريًا. فأجاب يسوع وقال: أليس العشرة قد طَهُروا فأين التسعة؟ ألم يوجد مَن يرجع ليُمجّد الله الّا هذا الأجنبيّ؟ وقال له: قمْ وامضِ، إيمانك قد خلّصك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

 

       «أنتم أيضًا تظهرون معه في المجد»