...

ما العمل مع كاهنٍ سيّء

نقلها إلى العربية ريشارد صبوح

سؤال: “كان في رعيّتنا كاهنٌ صالح؛ لكنّه نُقِل إلى رعيّة أخرى. وأتى مكانه آخر، غمٌّ على القلب. في أدائه الخِدم، هو مستهترٌ ومتعجّل؛ في الحوارات، يتكلّم عن أشياء تافهة؛ إذا بدأ الكلام عن أمور الله، فكلّه يكون باختصار واقتطاع للحقيقة الصارمة. كيف ننجو من تجربةٍ كَهذه؟”
جواب: أنتم هُم مَن على خطأ. لم تستفيدوا كما يجب من الكاهن الصالح، فأخذه الربّ منكم. قُل لي، هل أصبحتم أفضل مع كاهنكم السابق الصالح؟ عند هذا السؤال تتلعثم وتجيب “نعم”. لكن أنا، من بعيد، أقول أنّكم لم تصبحوا أفضل، على أساس حقيقة أنّكم تدينون الكاهن الجديد، غير عارفين كيف تضبطون مشاعركم تجاهه كما يجب. بالحقيقة، كان عندكم كاهنٌ صالح حتّى قبل هذا الكاهن الصالح الذي غادركم الآن، والذي قبله كان صالحًا أيضًا. أترى كم من الكهنة الصالحين أرسل الربّ إليكم؛ لكنكّم كلّكم لم تصبحوا أفضل. حتّى قرّر الربّ الآن: لماذا هدر (أو إضاعة) الكهنة الصالحين على هؤلاء القوم؟ أُرسلُ لهم واحدًا ليس حسنًا جدًا. وهكذا فعل. نظرًا لهذا، وجب عليكم مرّةً واحدة أن تنتبهوا لأنفسكم، أن تتوبوا وتتحسّنوا، لكنّكم فقط تدينون، وتستمرّون في الإدانة مرارًا وتكرارًا. تحسنّوا أنتم، وثمّ الكاهن يتغيّر فورًا. سيفكّر: “مع هؤلاء الناس لا أستطيع أن أستمرّ في عملي المقدّس بتهاون؛ يجب أن أخدم بوقار وأتكلّم للبنيان.” وسوف يصلح طرقه. إذا كان الكهنة مقصّرين ومتعجّلين في أداء الخِدم وتافهين في الأحاديث، فأغلب الأحيان يكون هذا تكيّفًا مع أبناء الرعيّة.
في قولي هذا، لا أبرّر للكاهن، فهو بلا عذر، إذا كان يُعثر النفوس الموكَلة إليه، ]إذ يعمل لا فقط بعكس ترتيب الكنيسة، بل أعمالًا غير حكيمةٍ[. بل أقول فقط ما هو نافعٌ بالأكثر لكم لتصنعوه في هذه الحالة. والشيء الأهمّ الذي سبق وقلته: لا تدينوا، بل انتبهوا لأنفسكم، وتحسّنوا أنتم في الصلاة وفي الحديث وفي كلّ سلوككم. صلّوا من أجل هذا من كلّ قلوبكم، أن يصلح الربّ الكاهن. وهو سيصلحه. فقط صلّوا كما ينبغي. قال الربّ، إذا اتّفق اثنان في أيّ شيءٍ وبدآ بالصلاة، يكون لهما ما طلبا (متى 18: 19). لذا، يا كلَّ أبناء الرعيّة الصالحي الفكر، اجتمعوا معًا وقرّروا أن تصلّوا من أجل الكاهن؛ رافقوا صلاتكم بالصوم وضاعفوا صدقاتكم؛ واصنعوا هذا لا فقط ليوم أو اثنين، بل لأسابيع، لأشهر، لسنة. جاهدوا وتذلّلوا بانكسارٍ طالما الكاهن لم يتغيّر. وسيتغيّر؛ تأكّدوا من هذا.
سمعتُ مؤخّرًا عن جهادٍ مشابه وعن ثمرِه. إمرأةٌ عجوز، قرويّة بسيطة، تقيّةٌ جدًّا، لاحظَت أنّ شخصًا تحترمه بدأ يحيد عن صرامته المعتادة في الحياة، فحزنت جدًّا وشعرت بالأسى من أجله. ذهبت إلى بيتها، وأغلقت على نفسها في كوخها، وبدأت تصلّي بعد أن قالت للربّ: “لن أترك هذا المكان، أو أذوق كسرة خبز، أو أشرب قطرة ماء، أو أعطيَ لعينيّ دقيقة نوم إلى أن تستمع لي، يا ربّ، وتعيد هذا الشخص إلى طرقه الأولى.” وعملت تمامًا كما قرّرت: جاهدت في الصلاة وتذلّلت في دموعٍ من قلبٍ حزين، ملحّةً على الرب حتى يستمع لها. وقد تعبت، وبدأت قوّتها تفارقها؛ لكنّها أيضًا صلّت تكرارًا: “ولو متُّ، لن أتوقّف عن الصلاة حتّى يستمع لي الربّ”. واستمعَ لها. التأكيدُ وَصَلَها أنّ هذا الإنسان الذي تصلّي من أجله بدأ مجدّدًا يحفظ نفسه كما في السابق. أسرعت لتنظر، فرأت الأمر هكذا، وابتهجت كثيرًا حتى انهمرت دموع شكرها.
وهذا هو نوع الصلاة الذي يجب أن توطّدوه – لا في الشكل، لأنه قد لا يكون ملائمًا لكم كما عملت هي – لكن بحماسةٍ مماثلة، وتضحية ومثابرة. وبالتأكيد تنالون ما تشتهون. إذا كنتم تقولون أحيانًا، “أعطِ، يا ربّ، أن يصبح هو صالحًا” فقط عَرَضًا، إن في المنزل، أو في الكنيسة، أو في الأحاديث، فأيّ نوعٍ من الثمر مُتوقّعٌ من صلاة كهذه؟ لأنّ هذه ليست صلاة، بل كلماتٌ فقط.
قلتُ لكم ما هو أساسي. يجب أن أضيف أيضًا شيئًا واحدًا؛ لكنّه من الأمور التي يصعب جدًّا أن تُعمل بالشكل الذي تُحقِّق به غايتها. هذا ما أفكّر به! قد يكون من الممكن لكم، أنتم الصحيحي الفكر والمحتَرمين أن تأتوا إلى الكاهن وتسألوه أن يغيّر أفعاله التي تزعجكم وتودي بكم في تجربة. أن تعملوا هذا – ليس من شيء أبسط؛ لكن أن تعملوه بالشكل الذي يؤتي ثمرًا صعبٌ جدًّا. كلّ شيء يجب أن يتنفّس بالحبّ الأكثر صدقًا وغيرةً – لا فقط ما تقولونه، بل أيضًا نظراتكم، تعبيركم، والنبرة في صوتكم. حينئذٍ قد يُرجى أن يحقّق هذا غايته. لكن من دون هذا الحبّ، الأفضل عدم الإقدام على مثل هذه الخطوة: ستؤدّي إلى الأسوأ، وتسبّب خلافًا محزنًا أكثر. يستطيع أحدهم ربّما أن يكتب له كلّ شيء بأسلوب مماثل، لكن مجدّدًا، كلّ المسألة يجب أن تُعالَج بروح المحبّة المنتصِرة على كلّ الشيء. من الممكن أيضًا إفساد الموضوع كلّه بهذه الطريقة تمامًا كما برؤية الكاهن شخصيًّا. لهذا لستُ أوصي بهذه المقاربة بغير قَيد. أعلم أنّها قد تُتوّج بالنجاح، لكنّ الأمر الأساس هو التطبيق السليم. قد يوجَد أشخاص جيّدون عديدون يأتون إلى الكاهن أو يكتبون له من دون رؤيته، ويعبّرون عن كلّ شيء بألطف طريقة؛ لكن من أجل النجاح، تحتاج شيئًا آخر غير اللطافة. اللطف بغير محبّة لدغةٌ جارحة. أعلم أنّه في أماكن أخرى يتصرّفون على هذا النحوِ ثمّ يتباهون: “لقد أتممنا دورنا!” لكن أقول أنّه كان أفضل لو لم يفعلوا.
لن أضيف أيّ شيءٍ حول هذا الموضوع – ربّما أمرًا واحدًا: كونوا صبورين. هناك أيضًا طرقٌ أخرى قانونيّة؛ لكنّها ليست من اختصاصي، وأبقى صامتًا بشأنها.
من رسائل القدّيس ثيوفان الحبيس

 

 

 

ما العمل مع كاهنٍ سيّء