...

النُّور الإلهيّ

 

تكلّم القدّيس غريغوريوس بالاماس عن النُّور  الإلهيّ غير المخلوق. تعليمه كان حول القوى الإلهيّة غير المخلوقَة ، وأيضًا حول النّعمة الإلهيّة غير المخلوقَة. قال إنّ النّعمة الإلهيّة الّتي تُقَدِّسُنا هي نور أزليّ إلهيّ. لقد مَيَّزَ القدّيس بوضوح بين الجوهر الإلهيّ غير المُدْرَك  والقوى الإلهيّة غير المخلوقَة (النّعمة الإلهيّة) الّتي نستطيع أن نساهم فيها بعد تطهيرنا. بهذا، يأتي الجواب على السّؤال الكبير: “كيف نعرف الله وفي الوقت نفسه لا ندركه؟!”. في كلّ هذا سرّ قداسة الإنسان.

ماذا يعني مثلًا أن يتأَلَّهَ الإنسان؟. يعني أن ينزل عليه نورٌ إلهيّ يجعله متحرِّرًا من الأهواء والشَّهَوَات.

يقول القدّيس غريغوريوس بالاماس: “إنّ المعرفة الحقيقيّة للمسيح الإله لا تأتي من الدّراسات بل من الطّهارة والنّقاوة، أي التّحرُّر من الأهواء: “طوبى لأنقياء القلوب لأنّهم يعاينون الله” (متّى 5: 8).

* * *

القدّيس غريغوريوس بالاماس من دُعَاة الهُدوئيَّة . والهدوء أو السَّكِينَة الدّاخلية لا يبلغها الإنسان إلَّا عن طريق النُّسْكِ والفضائل، عن طريق نقاوة الجسد والنَّفْس. يُحَدِّدُ القدّيس يوحنّا السُّلَّمِيّ الهدوء بالطريقة التّالية:

“الهدوء هو صخرة جاثية على شاطئ بحر الغضب”.

القدّيس بالاماس يُعَلِّمُ، كما ذكرنا، عن النُّور  الإلهيّ. “قد نَظَرْنَا النُّورَ الحقيقيّ، وأَخَذْنَا الرّوحَ السّماوِيّ وَوَجَدْنَا الإيمانَ الحقّ”. عندما نعيّد في الأحد القادم للصَّليب المحيي، نفهم أنّه الطّريق الصّحيح إلى هذا النُّور. لأنّنا لن نبلغ هذا النّور قبل أن نتطهَّرَ من أوساخ خطايانا. في فترة الصّوم الكبير هناك نُسْكٌ جَسَدِيٌّ وروحِيٌّ، إِمْسَاكٌ  عن الخطيئة، في طيّاته نورٌ إلهيّ يَنْبَلِجُ واضِحًا في الفصح.

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 10،  الأحد  8 آذار  2015