ندعوكم اليوم إلى الاستعداد لأحد العنصرة بالتمعّن في الصلوات التي وضعتها الكنيسة عشيّة العيد في
صلاة الغروب، وقبل القدّاس الإلهيّ في صلاة السَحر. هذه طريقة جيّدة للتمعّن في معنى العيد وانعكاسه
علينا. تجدون هذه الصلوات في الكتاب الليتورجيّ المُسمّى «البندكستاري» أي صلوات الأيّام الخمسين
أو في بعض مجموعات صلوات الأعياد. اخترنا لكم هنا بعضًا ممّا كتبه الأب ليف جيلله في كتاب «سنة
الربّ المقبولة» صفحة ٣٢٥-٣٢٦، منشورات تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، سلسلة
الروحانيّات والليتورجيا، رقم ٥.
«إنّنا معيّدون عيد الخمسين ولحضور الروح ولإنجاز الوعد وإتمام الرجاء». هكذا تدعونا الكنيسة في
غروب العنصرة إلى الدخول في جوّ العيد. ففي خلال صلاة الغروب تُقرأ ثلاث قراءات تحضّرنا للعيد.
تصف لنا القراءة الأولى من سفر العدد (١١:١٦-١٧، ٢٤-٢٩) موسى وهو يختار، بأمر من الله،
سبعين شيخًا لينقل إليهم الله جزءًا من الروح الذي أعطاه لموسى. فوقفوا بقرب الخيمة «فلمّا حلّ الروح
عليهم تنبّأوا…» وحين طلب يشوع من موسى أن يُسكت رجلين كانا يتنبّآن من دون أن يحضرا إلى
الخيمة، أجاب موسى: «هل ملأتك الغيرة عليّ؟ آه! مَن يعطيني أنّ كلّ شعب يهوه يتنبّأون ويحلّ عليهم
الربّ بروحه؟».
وتتنبّأ القراءة الثانية من يوئيل (٢: ٢٣-٣٢) بما سوف يحدث في العنصرة المسيحيّة الأولى: «بعد ذلك
أدفق من روحي على كلّ جسد فيتنبّأ بنوكم وبناتكم ويرى شيوخكم أحلامًا وشبّانكم رؤى. وحتّى على
العبيد رجالًا ونساء في ذلك اليوم، أدفق روحي».
كما تؤذن القراءة الثالثة المأخوذة من سفر حزقيال (٣٦: ٢٤-٢٨) هي الأخرى بتجدّد داخليّ: «…
أعطيكم قلبًا جديدًا، وأضع فيكم روحًا جديدة، وأنزع من جسدكم قلب الحجر وأعطيكم قلبًا من لحم
وأضع روحي فيكم…».
ونقرأ في سَحريّة العنصرة أحد الأناجيل التي تروي ظهورات يسوع القائم. ونرى في هذا المقطع (يوحنّا
٢: ١٩-٣١) أوّل حلول للروح على التلاميذ: «… ونفخ فيهم وقال لهم: خذوا الروح القدس…». إنّ
مجيء الروح القدس الأوّل هذا لا يقلّ حقيقة عن مجيئه يوم العنصرة. لكنّ الفرق هو أنّ الروح نزل
على التلاميذ «بقوّة» يوم العنصرة. والفرق هو ذاته بين نزول الروح القدس على مسيحيّ معتمِد، في
لحظة حصوله على سرّ الميرون، ومعموديّة الروح التي ينالها بعض المؤمنين في مرحلة متقدّمة من
حياتهم الروحية».