...

مخلّص العالم

 

 

 

«هذا هو بالحقيقة مخلّص العالم». قول قاله يهود وكان جديدا على أبناء ديانتهم. الذي كانوا يعتبرونه مسيحًا كان عندهم مخلّص شعبهم لا مخلّص العالم. المسيح مخلّصا العالم فكرةٌ جديدة لأن من كان اليهود يُسمّونه مخلّصا من ويلات، من جوع، من مرض، وليس من خطيئة، كان عندهم مخلّص شعبهم. هم ما كانوا يؤمنون أن من سمّوه مسيحًا له عمل او مهمة خارج إسرائيل. إسرائيل كانت مركز الوجود.

كَسَرَ يسوعُ هذا الطوق بين شعب الله المختار وبقيّة الشعوب إذ أعلن نفسه مخلّص العالم. لم يبقَ لشعب ميزة. كل الشعوب التي آمنت به صارت شعب الله. وشعب الله هو الذي يعرف انه خاصة الله ولا يملكه أحد.

أن يعترف اليهود أن يسوع مخلّص العالم كان شيئًا جديدًا عندهم. كانوا يعتقدون ان الشعوب ستعرف الله، ولكن ما كانوا يَعلمون أن يسوع الناصريّ هو الذي سيكشف لهم وجه الله او أن وجهه هو وجه الله.

كان شيئًا جديدًا على التلاميذ ان يروا الله على وجه يسوع. هم لما كانوا يرافقون السيد ما كانوا يعرفون انه هو ذاته الإله. فهموا هذا بعد القيامة. وربما أخذوا يفهمون لما أذاقهم جسده ودمه. بهذا الجسد والدم في القداس نعرف المسيح.

نحن نختبر السيد بطريقتين، بالكلمة وبالقرابين. قراءة الكلمة بإيمانٍ وفهمٍ وطاعةٍ هي ذوقنا لها. وقراءة الكلمة في كل خدمة إلهية تجعلنا نتقبّل معاني الكلمة، والمعاني يعطينا إيّاها الروح القدس، أي إذا نزلت علينا المعاني الإلهية يكون المسيح نفسه جاء إلينا.

من يهمل قراءة الكتاب المقدس كيف تصل إليه المعاني التي قصدها الرب في إعطائه الكتاب إلينا؟

قلنا إنّ للمسيح حضرتين: حضرة في الكتاب نسمعه ونقرأه، وحضرة في المناولة الإلهية. من أهمل قراءة الكتاب يمنع عنه المعاني التي جاءت في الكتاب. ومن أهمل المناولة يمنع عنه حضورًا أساسيا للمسيح. أنت تلتقي المسيح إن سمعتَ الإنجيل ثم الوعظ وهما واحد. وأنت تجيء الى المناولة بعد الموعظة لتُعبّر عن اتّحادك بالمسيح بعد أن خُطبَتْ نفسُك إلى المسيح بالكلمة. وكل واحدة منها تكمّل الأخرى. وهكذا، تستمرّ يومًا فيومًا، والعُمر كلّه حتى يكشف لك المسيحُ في أوانِ الرضى أنه هو مخلّصُ العالم.

جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

عن “رعيّتي”، العدد 22، الأحد ٢٩ أيار ٢٠١٦

 

 

مخلّص العالم