...

أحد النسبة

 

هو أحد نَسَب الرب يسوع، ويعني متّى بذلك منذ مطلع إنجيله تحدّره من إبراهيم وداود، ويأتي تتابع اسماء آباء السيد على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى من إبراهيم إلى داود، والثانية من داود إلى جلاء بابل أو سبي بابل، والثالثة من جلاء بابل إلى المسيح.  بعد هذا تأتي القراءة على حادثة الميلاد نفسها. لوقا أتى في النَسَب الذي رواه بأسماء أكثر، وهي أقرب إلى التتابع الوارد في العهد القديم. يبدو أن متى استند إلى مرجع كان شائعًا في أيامه.

همّ متّى التركيز على أن السيد متحدّر من داود. هذا الاعتقاد كان شائعًا عند اليهود ستين سنة بعد قيامة المخلّص. هناك في النَسَب نساء معظمهنّ سيئات السلوك، وإحداهن أجنبية الأصل. غالبًا أراد متّى أن يقول ان يسوع ينحدر من البشرية كما هي في خطاياها وهو الذي يُطهّرها.

هناك أربعة عشر اسمًا في الفئتين الأُوليتين، وثلاثة عشر فقط في الثالثة. يمكن التفكير أن 14 التي يذكُرها متّى في كل فئة هي رمز داود (في اللغة العبرية تُكتب “دال واو دال”، وكل دال رقمها 4، وواو رقمها 6، مما يساوي 14).

أمّا الميلاد فقد رواه متّى. كانت مريم مخطوبة ما يعني أنها نظريًا أو قانونيًا زوجته ولكن فعليا لا يحصل الزواج إلا عندما تُزفّ البنت بحيث يأخذها الرجل الى بيته. ما يؤكده متى بوضوح أن يسوع لم يكن له أب جسديّ. بتولية مريم في ميلادها يسوع واردة عند متى ولوقا فقط. هذا كافٍ لاعتماد المسيحيين الأوائل هذه البتولية ثابتة. عدم ذكْر البتولية عند الإنجيليين الآخرين يمكن اعتباره أن شيوع الاعتقاد ببتوليتها يُغنيهم عن ذكر حالة البتولية التي كان الجميع آخذين بها.

“ويُدعى اسمُه يسوع لأنه يُخلّص شعبه من خطاياهم”. بالعبريّة “يسوع” هو “يهوشع” الذي يعني أن “الله يُخلّص”. اللاهوت اليهودي يقول ان زمن المسيح هو زمن انتهاء الخطيئة.

كلمة “عذراء” التي يُطلقها متى مأخوذة من إشعياء 7: 14 في الترجمة اليونانية للعهد القديم، ولا شك أن النص الذي كان في يدي متّى لما كتب إنجيله في أنطاكية حول السنة 80 كان النص اليونانيّ. وفي الواقع ما سُمّي يسوعُ “عمانوئيل” في التسمية المسيحية، ولكنّ “عمّانوئيل” نعتٌ للمسيح وأعماله.

“ولم يعرفها حتى وَلدت ابنَها البكر”. عبارة “لم يعرفها” بالرجوع إلى استعمال كلمة “عَرَف” تعني أنه لم يكن له معها اتّصال في الحبَل، أي ينفي صلة الجنس بينهما قبل ميلاد المخلّص، ولكنه لا يوحي أبدًا من الناحية اللغوية أن اتصالاً تم في ما بعد. أمّا “ابنها البِكْر” قد زيدت غالبًا من كون المسيح مُسمّى عند بولس “البكر من بين الأموات”. أما “إخوة يسوع” فلا تعني بالضرورة أن السيد كان عنده إخوة في الجسد، فلفظة “إخوة” في اللغة العبرية تعني أنسباء (أولاد خال أو خالة أو عمّ أو عمّة).

جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

عن “رعيّتي”، العدد 51، الأحد 18 كانون الأول 2011