...

ما معنى ليكن ذكره مؤبداً في خدم الذكرانيات

 

 

 

عندما نرتل “ليكن ذكره مؤبداً “في خدم الذكرانيات أو في خدمة الجناز،فإنه يظن وبشكل خاطىء أن ذكرى الراحل ستكون محفوظة في الأرض ليس فقط من محبيه لكن وأيضا لأجيال أخرى.لكن الحقيقة إن هذه الترتيلة ليست موجهة إلى أقارب الفقيد ومحبيه وليست موجهة إلى الفقيد وليست أيضا لغرض أرضيّ.وإنما هي موجهة إلى الله الأزلي من أجل الفقيد.

جاء الرسل مرةإلى السيد المسيح و خاطبوه قائلين يارب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك فأجابهم الرب “لا تفرحوا بأن الأرواح تخضع لكم لكن افرحوا لأن اسماءكم كتبت في الملكوت” (لوقا17:10-20) وخاطبهم بكلمات أخرى قائلاً لهم بألا يبتهجوا بشيء على الأرض لا يقدّم شيئاً لخلاصهم بل ليبتهجوا لأن اسماءهم ستُذكر للأبد في ملكوت السماء أي أن اسماءهمستكتب في الكتاب المقدس (بكتاب الحياة).

وأفضل تصوير لهذا هو في مثل لعازر والغني، حيث لعازر الفقير بعد موته ذهب إلى ملكوت الله واسمه أصبح مكتوباً في ملكوت الله صار يُذكر إلى الأبد. بينما الغني البائس يتخبط في الهاوية مجهولاً تماماً. لأن اسم الشخص هو هويته.

الذكرى الأبدية مساوية للقول “أن تكون دائماً في ذاكرة الله“. الكنيسة تقول هذه الصلاة فسيبقى الفقيد في ذاكرة الله، لأنه إن نسينا الله وإن قال “أنا لا أعرفكم“(متى23:7) فإننا سننقاد إلى الفناء الروحي. لكن إذا تذكرنا مثل اللص على الصليب الذي سأله أن يذكره سنكون نحن معه أيضاً في الملكوت.

بحسب الآباء القديسين تعيش الخليقة روحياً فقط عندما تشترك في قوى الربّ المؤلِّهة، فمن خلال هذه النعمة الغير مخلوقة نستمر في الحصول على وجودنا الروحي وإمكانية النمو الروحي. وهذا طبيعي بما أن “الإله موجود، والخليقة غير موجودة” (القديس مكسيموس المعترف). لذلك فإن الخليقة توجد وتتكون لأنها تشترك في نعمة الله الأزلية المحييةوالجوهرية .كما يقول القديس باسيليوس الكبير “فقط هناك شيئان موجودان الإله والخليقة، القوة المُقدسة والمُتقدس“

إن خلود الروح بعد الموت هو عطية و يمكن القول أنه أمر طبيعي وفرض على الإنسان. الملعونون يبقون أبدياً في قاعدة خلود الروح لكن وجودهم، يكون تحديداً لأن الخلود هو أمر طبيعي و مفروض، وجودهم هذا هو موت .الجحيم هو مكان الأموات، لأن الاشتراك في نعمة الله الأزلية المحيية و المؤلهة غائبة عنهم،غياب العلاقة الضرورية مع الله وبالتالي غياب الهوية الشخصية التي تكون هذه العلاقة.لذلك علينا أن نعلم أن العلاقة مع الله والاشتراك بقوة نعمته المؤلهة هي ما يعطي الإنسان الماهية وليس الطبيعة نفسها. إن العلاقة بين الله والإنسان تثبت طبيعتيهما ويصبحان حقيقة شخصاً واحداً.

يرى العديد خلاص النفس فقط في حقيقة أنهم لا يريدون أن يتعذبوا أبدياً، بينما الخلاص هو هذه العلاقة وهذا الحب .اشتراكنا مع النعمة الالهية .النفس ولأنها تُخلّد بطبيعتها بحسب النعمة الالهية الأزلية،ولا تخلد نفسها بنفسها فهي بحاجة وجودية للوجود والتثبت برباط مع شخص لتكسب الهوية الأبدية، وهذه الهوية كما نقول تُعطى من الإله بعلاقة و تُخلق بحرية من البشر الموجودين ضمن الكنيسة من خلال أسرارها المقدسة .لذلك إذا لم نخلق هذه العلاقة سنكون محرومين من البقاء في ذاكرة الله وسنقع في “أنا لم أعرفك أبداً” وهذا هو فعلياً “الموت الروحي“.

جون سانيدوبولوس
نقلتها إلى العربية علا مقصود
www.orthodoxlegacy.com

 

 

 

 

 

 

 

 ما معنى ليكن ذكره مؤبداً في خدم الذكرانيات