...

تعليم الآباء عن أهمية الذخائر المقدسة

تعليم الآباء عن أهمية الذخائر المقدسة

 

 

 

 

تعليم الآباء عن أهمية الذخائر المقدسة

 

أ – لمحة عن النقاط الأساسية في تعليم الآباء عن البقايا المقدسة:
إن هذه العقيدة أي “تكريم الذخائر المقدسة” تطورت وأخذت شكلها في الشرق مع باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبي الفم، أما في الغرب فمع القديس امبراسيوس وأغسطينوس المغبوط.
هؤلاء القديسون كان لهم اعداء وأولهم هو فيجيلانتيوس (Vigilantios) في “غاوول” الذي نقد أهم الأسس فيما يتعلق بطقس البقايا المقدسة إذ صرّح أن المسيحيين هم عبدة اصنام، نتيجة لذلك بدأ كّتاب المسيحيين الدفاع في كتاباتهم عن الفرق بين الإكرام والعبادة وعن الأسس اللاهوتية فيما يتعّلق ببقايا القديسين. القديس جيرانيموس (Jerome) (420-347) أجاب فيجيلانتيوس معترضًا بشكل أساسي ومدافعًا عن طقس إكرام بقايا القديسين مستندًا إلى الكتاب المقدَّس وتقليد الكنيسة، والعجائب التي عملها الله بواسطة البقايا. وبعد جيرونيموس وضّح الآباء أكثر وأكثر العلاقة بين الله والقديسين وبقاياهم الأرضية مشدّدين على أربعة نقاط أساسية لتثبيت عقيدتهم:
1) – المؤمنون يرون القديسين في البقايا التي يكرّمونها، وهذه هي نقطة الانطلاق عند افرام السرياني وثيودورس (القوطي) ومكسيموس (Turin) وغيرهم.
2) – بما أن الشهداء كانوا قديسين على الأرض، فأجسادهم أيضًا مقدسة. يوحنا الذهبي الفم وباسيليوس الكبير أكدا أن في دم الشهداء والتاريخ الشخصي لآلامهم ما يحرّك شجاعة المؤمنين، وثبات الشهداء جعل بقاياهم ثمينة، والبقايا المقدسة هي تذكار لنا إذ يجب أن نتمثل بهم (بالشهداء).
3) – غريغوريوس النيصصي، أوغسطينوس المغبوط وباولينوس (of nola)والبابا لاون الأول (440-461) أثبتوا إكرام بقايا القديسين استنادًا إلى دليل أو شهادة من العجائب الالهية – من خلال أدواتهم، وإننا نعطي المجد فقط لله، وبقدر ما يظهر قوته في البقايا نكرّمها.
4) – التبرير الرابع يستند إلى أن بقايا القديسين هي بقايا من أصدقاء قربهم إلى الله جعلهم قديسين. غريغوريوس النيصصي وأوغسطينوس المغبوط هما من أكدا هذه النظرة حول بقايا القديسين.
وأخيرًا نقول أن فترة ظهور محاربي الايقونات كانت مهمة للغاية إذ برز فيها لاهوت القديس يوحنا الدمشقي الذي دافع عن إكرام الايقونة رابطًا باكرام بقايا القديسين.
ب – شهادة من الآباء عن البقايا المقدسة:
1- القديس باسيليوس الكبير:
كتب القديس باسيليوس رسالة إلى الأسقف أركاديس بمناسبة بنائه كنيسة جديدة، جاء فيها: “لقد سررت للغاية عند سماعي أنك منهمك بمسألة تشييد بيت لمجد الله – وهذا يَدَهِيِّ كونك صرت مسيحيًا – وأنك بالمحبة العملية، احببت “جمال بيت الرب” كما هو مكتوب، أنك بهذا، قد أعددت لنفسك ذلك القصر السماوي الذي أعده الرب في راحته للذين يحبونه. إذا تيسّر لي أن أجد أيّا من بقايا الشهداء، رجائي أن تكون لي مساهمة في محاولتك المحبة”. وفي مناسبة تذكار يوم استشهاد القديس برلعام يقول القديس باسيليوس “كان موت القديسين يكرّم قديمًا، بالدموع وقرع الصدور فبكى يوسف بمرارة عندما مات يعقوب، وناح اليهود كثيرًا عندما مات موسى. أما اليوم فإننا نبتهج ونتهّلل في موت القديسين بالمراثي بعد الموت، بل نطوف حول قبورهم طوافًا إلهيًا. ذلك أن موت الأبرار صار رقادًا بل هو صار حياة….”.
وبتفسيره كلمات مرّنم المزامير (كريم أمام الرب موت أبراره) يقول: “عندما كان يموت أحد في الشريعة اليهودية كان الميت يعدّ نجسًا. أما عندما يموتون في المسيح ولأجل المسيح فذخائر قديسيه كريمة. وكان يقال قبلاً للكهنة وللنذراء ألا يمسّوا الأجساد الميتة لكيلا يتنجسوا: “وكّلم الرب موسى قائلاً: كّلم بني اسرائيل وقل لهم إذا أراد رجل أم امرأة بأن ينذر نذرًا نسكا للرب، فليعتزل عن الخمر المسكر ولا يشرب خلّ خمر أو خلّ مسكر ولا يشرب عصيرًا من العنب ولا يأكل عنبًا رطبًا أو يابسًا، وكل أيام اعتزاله لايأكل شيئًا مما عمل من كل الخمر من اللب حتَّى القشر، وكل أيام اعتزاله لا يمرّ على رأسه موسى حتَّى تتم الأيام التي يعتزل فيها الرب فيكون مقدسًا ويربى شعر رأسه، وكل الأيام التي يعتزل فيها الأب لا يأتي إلى جثة ميت، ولاينجس نفسه لأبيه أو أمه أو لأخيه أو لأخته إذا ماتوا لأن اعتزال إلهه على رأسه، فكل أيام اعتزاله هو مقدس للرب” (عدد 6: 8-6). أما الآن فمن يمسّ عظام الشهداء ينضم إلى القدسيات. وفي عظة على الأربعين شهيدًا قال عن ذخائرهم الموزعة في تلك الجهة كلها: “إنها هي التي تسوس منطقتنا كلها وهي لنا كحاجز ودعائم ضد الهجمات العدائية”.
وفي خطابه عن القديس الشهيد مامانتوس يقول: “إن العجائب التي منح بها القديس الشهيد العافية للبعض والحياة للبعض الآخر إنما هي مشهورة لدى الجميع”. وفي خطابه عن الشهيدة القديسة يوليطا كتب: “إنه لمّا نقلت ذخائرها المقدسة إلى مكان خال من الماء تفجّر من الأرض نبع ذو ماء فرات حتَّى أن سكان تلك الجهة سمّوا القديسة يوليطا مغذيتهم كالأم التي تغّذي أولادها باللبن”.
2- القديس يوحنا الذهبي الفم:
يقول هذا القديس في كلمته عن الشهيدة ذروسيذا: “حيث لاينفع ذهب ولاغنى هناك تفيد بقايا القديسين .لأن الذهب لايشفي من مرض ولاينجي من موت ولكن عظام القديسين تفعل الاثنين” (طبعة ميني 50،689 ). كذلك يشهد القديس نفسه أن بقايا القديسين مخيفة للشياطين. ويذكر أن بقايا القديس بابيلا أبطلت افعال أبولون حيث امتنع عن اجابة الامبراطور يوليان الجاحد إلى طلبه واعترف ابولون نفسه بسبب صمته وهو لأن بقايا القديس دفنت إلى جانب معبده. عندئذٍ أمر الامبراطور بنقل البقايا إلى مكان آخر ليحرر أبولون ويستنتج القديس يوحنا الذهبي الفم من ذلك: “إن المخادع الأول (الشيطان) لم يجرؤ أن ينظر قبر بابيلا. هذه هي قوة القديسين الذين وهم أحياء لم تحتمل الشياطين ظّلهم ولاثيابهم وهم أموات ترتجف حتَّى من قبورهم”.
يشهد القديس ذاته بأن المسيحيين الحسني العبادة معتادون على:
o أن يصّلوا أمام البقايا المقدَّسة.
o أن يقيموا الاجتماعات والاحتفالات حولها.
o أن يقبّلوها قبل المناولة الإلهية.
o أن يتمّنوا أن يدفنوا إلى جانبها.
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم في تقريظة للقديس اغناطيوس الحامل الاله: “ليست أجساد القديسين وحدها ملأى نعمة بل ونفوسهم ذاتها أيضًا لأنه إذا كان في زمن أليشع قد تمّ شيء من هذا القبيل، إذ مسّ الميت النبي انحل من قيود الموت وعاد إلى الحياة. فبالأحرى الآن النعمة أغزر وفعل الروح القدس أخصب؟ فمن يمسّ نعش (القديسين) ذاته عن ايمان لا بدّ وأن يجتذب منه منفعة كبرى. ولذلك أبقى الله لنا ذخائر القديسين رغبة منه أن يقودها إلى تلك الغيرة التي كانت فيهم ويمنحنا ميناء وتطبيبًا حقيقيًا ضد الشر المحيط بنا من جميع الجهات”. وأيضًا في الخطاب على كورنثوس الثانية: “ان عظام القديسين تخضع تعذيبات الأبالسة وتزدريها وتحلّ المكبّلين بقيودها القاسية… أن الغبار والعظام والرماد هي تعذيب الكائنات الخفية”. فلا تنظرن إلى جسد الشهيد العاري والفاقد العمل النفساني والملقى أمامك بل إلى أن فيه تستقر قوة أخرى أعظم من النفس ذاتها وهي نعمة الروح القدس التي تحقق لنا بفعلها العجائبي حقيقة القيامة. لأنه إذا كان الله قد أولى الموتى والأجساد المتحوّلة غبارًا مثل هذه القوة التي لا يملكها أحد من الأحياء فبالأحرى أن يعطيهم يوم القيامة حياة أفضل وأهنأ من السابقة” (خطابه بخصوص الشهيد بابيلا).
3- القديس إيرونيموس (Jerome):
حاول هذا القديس في جوابه إلى فيجيلانتيوس أن يبرهن له أننا نكرّم بقايا القديسين لأننا نعبد المسيح، ولا نعبد الأصنام، والأهم من ذلك أن أجساد المائتين في المسيح يسوع ليست منجّسة كما يقول البعض كاليهود والسامريين الذين يعتبرون الجسد غير طاهر (منجّس) ويبرهن ذلك مستندًا إلى الكتاب المقدس. أما نص رسالته فإليك به: “نحن بالحقيقة نرفض العبادة لا لبقايا الشهداء فقط بل أيضًا للشمس والقمر والملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والسارافيم وكل اسم من المسميات، لا في هذا العالم فحسب، بل في العالم الآتي أيضًا، فلذلك نحن لانخدم مخلوقًا أكثر من الخالق المبارك إلى الأبد، نكرّم بقايا الشهداء، ونعبد الرب، الشهداء هم شهداء للرب. إذا نحن نكرّم خدّام الرب الذين يعكسون ربّهم الذي قال: “من يستقبلكم يستقبلني أنا أيضًا”. ويتابع القول: أنا أريد أن أسأل فيجلانتيوس هل بقايا بطرس وبولس منجّسة؟ هل كان جسد موسى منجّسًا، الذي نحن نقول فيه أن الرب نفسه هو الذي دفنه؟.
هل في كل وقت ندخل فيه كنائس الرسل والأنبياء والشهداء نعبد صناديق ذخائر الأصنام؟. دعوني أوجّه هذا السؤال إليه هل كان جسد الرب منجّسًا عندما وضعوه في القبر؟!.: إذا كانت بقايا الشهداء لا تستحق الإكرام، فكيف نقرأ في المزمور ( 116: 110 ): “كريم لدى الرب موت قديسيه”؟ إذا كان الرجال المائتون ينجّسون من يلمسهم فكيف حدث أن الميت أليشع أقام الرجل الذي كان أيضًا مائتًا؟ فهذه الحياة أتت بعد موته (موت النبي) الذي هو بنظر فيجيلانتيوس يجب أن يكون منجّسًا.
انطلاقًا من هذا الرأي – رأي فيجيلانتيوس – يستنتج القديس “إن كل مخيّم من مخيّمات اسرائيل وشعب الله كان منجسًا لأنه حلّ فيه جسد يوسف وجسد البطاركة في الصحراء، وحمل أيضًا رقادهم المنجّس).
ويستمر القديس في طرح الأسئلة ويقول: “أنا أريد أن أسأل: هل بقايا الشهداء منجسة؟ ويجيب إن كان هذا صحيحًا فلماذا سمح الرسل لأنفسهم أن يسيروا وراء (جسد منجّس) استفانوس بموكب جنازي؟ ولماذا أقاموا له رثاء عظيمًا؟ (أعمال الرسل 8: 2).
4- القديس كيرّلس الأورشليمي:
يقول القديس في موعظته التعليمية الثامنة عشرة: “ليست أرواح القديسين فقط مستحقة للتكريم، ففي أجسادهم الميتة أيضًا قوة واقتدار، أن جسد أليشع كان في القبر ميتًا ومع ذلك فإذا لمس الميت حيي” ( 2 ملوك 13: 21) فقام جسد النبي الميت بعمل النفس. ذلك إن ما كان ميتًا منح الحياة لميت، وظل هو بين الأموات. ولم ذلك؟ خوفًا من أنَّه لو كان أليشع حيًا لعُزيت المعجزة للنفس وحدها. ولكي يبرهن على أنَّه عندما تكون النفس غائبة، تكمن في جسد الأبرار بعض القوة بسبب النفس البارة التي سكنت فيه مدة سنوات، وكان أداة لها.
فلا نكن منكرين يا أبنائي، وكأن ذلك لم يحدث. لأنه إذا كانت “المآزر والمناديل” (أعمال 19: 12) التي هي من الخارج، تشفي المرضى عندما تلمسهم، فكم بالحري يستطيع جسد النبي نفسه أن يقيم المائت”.
5- القديس امبروسيوس:
القديس أمبروسيوس الذي كان أسقفًا على “مديولان” يقول في خطابه حول كشف رفات القديسين: غريفاسيوس وبروتاسيوس وكيليسيوس: “إذا قلت لي: ماذا تكرّم في الجسد الفاني؟ أقول لك: إّني أكرّم في جسد الشهادة الجراح المقبولة لأجل اسم المسيح. أكرّم ذكرى الفضيلة الخالدة أبدًا. أكرّم البقايا المقدسة بالاعتراف للسيد. أكرّم في التراب بذرة خلود. أكرّم الجسد الذي علمني أن أحب الرب وان لا أرهب الموت لأجل الرب. ولماذا لا يكرّم ذلك الجسد الذي يرتجف منه الأبالسة الذين جرحوه في العذابات ويمجدونه في القبر؟ فكرّم اذًا الجسد الذي مجّد المسيح على الأرض تملك مع المسيح في المجد”.
ويتحدّث هذا القديس عن انتقال القداسة إلى ما يخص القديس أيضًا فيقول يوم الكشف عن ذخائر القديسين غير فاسيوس وبروتاسيوس وكيليسيوس: “أنتم اعترفتم بل عاينتم بأنفسكم أن كثيرين تحرّروا من رتبة الأبالسة. وأكثر من هؤلاء أولئك الذين ما كادوا يمسّون بأيديهم ثياب القديسين حتَّى شفيوا فورًا من أدواتهم. إن معجزات الزمان القديم تجددت منذ فاضت النعمة على الأرض بأكثر غزارة بواسطة مجيء الرب يسوع: فأنتم تشاهدون أن كثيرين قد شفيوا بظلّ القديسين.
إن المؤمنين يتساءلون: كم من المناديل تسلم من أيد إلى أيدي. وكم من الثياب قد وضعت على الذخائر الفائقة القداسة فأصبحت شافية من لمسة واحدة. إن الجميع يتسابقون للمسها ومن مسّها أصبح صحيحًا معافى.
6- القديس أفرام السرياني:
يقول في تقريظة للشهداء: “وبعد الموت يفعلون وكأنهم أحياء، فيشفون المرضى ويطردون الشياطين، وبقدرة الرب يدفعون كل تأثير شرير لسيطرتهم في العذاب والتنكيل لأن نعمة الروح القدس الفاعلة المعجزات انما هي ملازمة أبدًا للذخائر المقدسة”.
7- القديس ابيفانيوس:
أسقف قبرص كتب في ترجمة حال الأنبياء القديسين: “أشعياء وأرميا وحزقيال. أن قبور هؤلاء القديسين كانت مرعيّة بإكرام عظيم بداعي العجائب العديدة التي فعلها الله عندها لكثيرين بصلوات الأنبياء والقديسين”.
8- القديس يوحنا الدمشقي:
كتب القديس يوحنا: “ان القديسين هم كنوز الله ومساكنه النقية.ان الله يقول: “اني أسكن فيهم وأسلك بينهم وأكون إلههم ويكونون شعبي”. ( 2كور 6: 16)، والكتاب الإلهي يقول: “ان نفوس الصديقين في يد الله فلا يمسهم عذاب”. إن موت القديسين هو بالاحرى نوم لا موت فإنهم تعبوا في الامر وسيحيون بلاانقضاء. و “كريم أمام الرب موت ابراره”. وأي حال يمكن أن يكون أسمى واشرف من الكيان في يد الله؟ إن الله نور وحياة . والذين هم في يد الله إنما هم في الحياة والنور. لان الله سكن في عقولهم واجسادهم كما يقول الرسول: “أو ً لا تعلمون أن اجسادكم هيكل الروح القدس الساكن فيكم؟ والروح القدس إنما هو الرب، “ومن يفسد هيكل الله يفسده الله”. فكيف لاتكرم هياكل الله الروحية؟ إنهم في حياتهم انتصبوا امام الله بجرأة. إن السيِّد المسيح منحنا بقايا القديسين ينابيع خلاصية، ألا فلا يكفرن أحد لأن (الذخائر) تفيض إحسانات متنوعة وتصب “ميرونًا” طيب العرف. وإذا كان الماء قد انفجر بمشيئة الله من الصخرة الصماء وفي البيداء وفي فلك الحمار (لما عطش شمشون) (اخر 17: 6، قض 18: 15-19). فكيف لايؤمن بأنه كان يجري “ميرون” طيب العرف من بقايا الشهداء أو ذخائرهم؟ فليس بينهم من لا يعرف قدرة الله وشرفه الذي يهبه سبحانه وتعالى للقديسين. نعم ليس احد منهم لايؤمن بهذه الاعجوبة.
إن كل من لمس ميتاعدَّ نجسًا بموجب الشريعة القديمة. ولكن لم يكن الاموات حينئذ كهؤلاء .فنحن لانسمي أمواتًا أولئك الذين توفوا وهم مؤمنون برجاء القيامة ولكن كيف يمكن للجسد الميت أن يفعل العجائب؟ وكيف تطرد الشياطين بهذه الاجساد ويتداوى الضعفاء ويبصر العمي ويطهر البرص وتنتفي التجارب بغير ارتياب. كم كنت تجاهد لتظفر بإنسان يسعى لك لتمثل بين يدي ملك مائت وينوه بك أمامه؟ إذا أفلا يستحق الأكرام اولئك المتشفعون بالجنس البشري كله والمصلون إلى الله من اجلنا؟. في الحقيقة انهم لجديرون بكل تكريم وتبجيل”.
9- القديس غريغوريوس بالاماس:
يقول القديس بالاماس في الذخائر : “إن النور الإلهي هو عطية التأله… هو نعمة الروح القدس، هو نعمة بها يشعُّ الله، فقط، عبر وساطة نفوس أولئك المستحقين حقًا وأجسادهم. إنما هنا يكمن المثال الحقيقي لله، أي في إظهار الإنسان له عبر ذاته، وفي إتمام الأعمال التي هي مخصوصة به، فالحياة الإلهية التي تصير الميراث الخاص لكيانهم برمته، لاتفارق القديسين في لحظة وفاتهم، بل (الحياة الإلهية) تستمر في الاعتلان حتَّى في أجسادهم، وهذا أساس تكريم ذخائر القديسين”.
وكذلك يقول: “مجّدوا قبور القديسين المقدسة. وإذا كانوا هناك، وإن كانت ذخائر (بقايا) عظامهم، فلأن نعمة الله لاتتركهم، كما أن اللاهوت لم يتخلّ عن جسد المسيح المكرّم بعد موته، والذي يمنح الحياة”.
وفي وجوب السجود للذخائر: “نسجد أيضًا للذخائر المقدسة، لأنَّها لم تتجرد من القوة المقدسة، كما أن الألوهة لم تنفصل عن جسد الرب في موته الثلاثي الأيام”.
المصدر: www.orthodoxonline.org

 

 

 

تعليم الآباء عن أهمية الذخائر المقدسة