...

كيف تدعو الكنيسة الأرثوذكسية العذراء مريم “أم الله” أو “والدة الإله”؟ – رد على رفضهم للقب والدة الإله

كيف تدعو الكنيسة الأرثوذكسية العذراء مريم "أم الله" أو "والدة الإله"؟ - رد على رفضهم للقب والدة الإله

كيف تدعو الكنيسة الأرثوذكسية العذراء مريم "أم الله" أو "والدة الإله"؟ - رد على رفضهم للقب والدة الإله

 

كيف تدعو الكنيسة الأرثوذكسية العذراء مريم “أم الله” أو “والدة الإله” مع أن المسيح قد أخذ من مريم طبيعة بشرية فقط؟ وكيف ولدت العذراء مريم الله؟ ولماذا ترفض الفئات البروتستانتية استعمال هذا اللقب؟
العقيدة المريمية مؤسَّسة على العقيدة الخريستولوجية (التعليم عن شخص المسيح). حتى نفهم لقب “والدة الإله” المنسوب إلى العذراء يجب أولاً أن نفهم التعليم الصحيح المتعلّق بشخص المسيح المجيد.
يسوع المسيح هو الله المتجسد. أي هو الله الكامل والإنسان الكامل. إنما هو شخص (أقنوم) واحد لا شخصان. شخصه الإلهي كان شخص طبيعته الإلهية (اللاهوت) قبل تجسده. في يوم التجسد (يوم بشارة العذراء)، أخذ الرب يسوع من العذراء طبيعة بشرية كاملة بعد أن حلَّ الروح القدس على العذراء وقدّسها وطهّرها (غريغوريوس اللاهوتي والدمشقي). فصار شخصه الإلهي الواحد شخص طبيعته الإلهية وطبيعته البشرية (الناسوت) معاً على حد سواء. إذاَ يسوع هو شخصٌ واحد لا شخصان. العذراء مريم لم تلد ناسوت يسوع مجرداً! أقنوم يسوع ضمّ إليه منها طبيعته البشرية. في دستور الإيمان نقول: “نزل من السماء وتجسّد… وتأنس”. هو نفسه الواحد إله وإنسان بدون إمكان تجزئة أو انفصال، شخص يسوع واحد. نقول مريم أم الله لأنّ الأقنوم واحد لا ينفصل. فهي ولدت شخصَ يسوع بكامله، أي ولدت اللهَ المتجسد بالتعريف. من هنا فإن تسمية العذراء “أم الله” ليست تسمية صحيحة فقط بل يجب تسميتها هكذا وإلا شققنا شخص يسوع وطعنّا في الخريستولوجيا.
في الإنجيل دُعيت العذراء أم ابن العلي وأم ابن الله (لو 1: 31 و32 و35) وأم الرب (لو1: 43) وأم يسوع (أع 1: 14). ودُعيت أيضاً أم عمانوئيل (مت 1: 23) وأم المخلّص المسيح الرب (لو 2: 11). وهذه كلها أسماء الله حصراً. عمانوئيل هو الله. واسم يسوع هو مختصر لـ “يهوه يخلّص”. والمسيح الرب هو المسيح يهوه. لهذا فالعذراء مريم هي أم الله Theotokos. إذاً العذراء في الأناجيل هي أم ابن العلي، أم ابن الله، أم المسيح الرب، أم يهوه الفادي المخلّص، أم عمانوئيل، أم يسوع. لهذا لخّصت الكنيسة كل هذه الألقاب بلقب واحد جامع هو أن الله أو والدة الله. لهذا قال القديس يوحنا الدمشقي: “إن اسم أم الله Theotokos يحوي كل سر التدبير (الإلهي)، لأنه إن كانت التي حبلت به هي أم الله فالمولود منها هو بالتأكيد وأيضاً إنسان” (الإيمان الأرثوذكسي 3: 12).
إن جميع الذين يرفضون لقب والدة الإله يقعون في الهرطقة النسطورية ويخالفون المجامع الكنسية ويطعنون في الإيمان بأن شخص المسيح هو شخص واحد في طبيعتين كاملتين إلهية وبشرية وبالتالي يعرضون خلاصهم الشخصي للخطر. إن قلنا إن مريم هي فقط أم يسوع الإنسان نشقّ شخص يسوع ونجعل الابن ابنين: ابن الله وابن الإنسان. وإن قلنا إن الآب هو أبو لاهوت يسوع فقط نشقّ شخص يسوع أيضاً. وحدة أقنوم تسمح بتسمية مريم والدة الإله وبتسمية الآب أبا ناسوت يسوع. أيّ تفريق في في شخص يسوع هو هرطقة تصبّ في الهرطقات التي طعنت في الخريستولوجيا (ابوليناريوس، نسطوريوس، أوطيخا وسرجيوس), كيرللس الإسكندري قال إن العذراء ولدت ناسوت يسوع ولم تلد اللاهوت. الآب ولد لاهوت يسوع. تقول إحدى الترانيم: “يا من هو بغير أمّ من جهة آبيه وبغير أبٍ من جهة أمّه…”. التركيز هو على وحدة الأقنوم التي جعلت الآب أباً ليسوع الإله-الإنسان والعذراء أمّاً ليسوع الإنسان الإله.
تاريخياً المجمع المسكوني الثالث المنعقد في أفسس العام 431 لاهوت لقب والدة الإله Theotokos. لكن هذا اللقب كان مستعملاً حتى قبل هذا المجمع. فقد استعمل أوريجنس لفظة والدة الإله Theotokos في تفسيره للآية 33 من إصحاح 22 من سفر التثنية. ويذكر المؤرخ الكنسي سقراط (الكتاب 7 من تاريخه، الفصل 32) أن أوريجنس سمّى العذراء والدة الإله Theotokos. القديس كيرللس الإسكندري في كتابه إلى نسطوريوس يقول إن القديس أثناثيوس الكبير قد دعا مريم والدة الإله Theotokos. والقديس باسيليوس الكبير في حديثه عن ميلاد المسيح يقول: “إن أم الله Theotokos لم تكفَّ قط عن أن تكون عذراء…”. ويقول القديس غريغوريوس اللاهوتي في رسالته الأولى إلى كليدونيوس: “إن كان يوجد أي واحد لا يعتبر مريم أنها أم الله Theotokos فإنه مفتقرٌ إلى اللاهوت”. وفي حديثه الأول عن الابن يخاطب اليونان قائلاً: “أين من بين آلهتكم قد عرفتم عذراء أمّاً لله Theotokos ؟”. ويقول أفسابيوس في حياة قسطنطين (الفصل 43) وسقراط (الكتاب 7، الفصل 32): “لهذا حقاً إن أكثر الملكات توقيراً لله (هيلانة) قد زيَّنت بالشواهد الرائعة مكان ولاده أم الله Theotokos” (أي بيت لحم). وقال ديونيسيوس الإسكندري لبولس السميساطي: “إن الذي قد تجسّد من العذراء القديسة والدة الإله Theotokos ..”.
لهذا فلقب والدة الإله ليس مجرد تكريم للعذراء مريم وإنما هو إعلان إيمان بشخص يسوع المسيح، الله المتجسد، الذي له المجد إلى الدهور آمين .

عن كتاب سألتني فأجبتك
س 178
د. عدنان طرابلسي

 

 

 

 

كيف تدعو الكنيسة الأرثوذكسية العذراء مريم “أم الله” أو “والدة الإله”؟ – رد على رفضهم للقب والدة الإله