...

نحو الميلاد

 

يقترب الميلاد. نعمَّا لمن صام. ومن لم يصم فليبدأ اليوم ولنتقدم جميعنا إلى المولود في صلواتنا كل مساء، ونضيء شمعةً للسيد كل صباح شاكرينه على عطاياه، ذاكرين بعضنا بعضاً بمحبةٍ أخوية، مواظبين على الاشتراك في صلاة الشكر الجماعية(القداس الإلهي)، وقراءة الكلمة.

دعونا ندعو يسوع. فهذا زمن مجيئه في الجسد، ظهوره الأول بعد أن شعّ من الآب فلنسمع ما يقوله لنا الآب:” هذا المولود مني قبل كون العالم أردته أن يولد من امرأةٍ من بناتكم لتذوقوا قربي، وتدركوا أنكم مُلقَون في حضني، وإذا جاءكم الابن في التواضع ستفهمون أنكم لابد أن تولدوا أنتم في التواضع لأن الكبرياء لا تلد إلا التفاهة، من كان منكم قائماً في مجد العالم سيدرك فقر ابن الإنسان، فإذا جاءكم العيد زينةً لبيوتكم أو فرصةً للمآدب وظهور أولادكم بالثياب الجميلة، و تزيين الشجرة وهدايا البابا نويل و نسيتم الطفل المولود تكونون قد تركتم فقير الناصرة وحيداً حزيناً وجوعاناً. فهل ولد يسوع من أجلك شخصياً ؟ أم أن ولادة المسيح هي حدث تاريخي لا يخصك؟ هل أنت ملتزم الميلاد باعتباره عيدك الشخصي؟

دعونا نشعر بمعنى الميلاد الحقيقي إطلالة نور المسيح، ولنجعل قلوبنا مزوداً لراحته. لا تخلو الحياة من الحزن الشديد والإخفاق، وفيها الخطايا الكثيرة. قد لا يعي الكثيرون معنى ذلك أو يتغاضون لأنهم لا يسعون إلى القداسة. هم سعداء إن لم يمرضوا ولم يموتوا وكأن المسيح لم يأت ولم يتكلم ولم يمت ولم يقم من بين الأموات، إذا كانوا لا يغيِّرون ما في أنفسهم فكأنهم لم يقتنعوا أن يسوع جاء ليغيِّر الكون. الضعف موجود في كل مكان. ولعل أكبر جرحٍ يؤلمنا أن نجده في الكنيسة. فننسى أن الكنيسة هي نحن، وإن لم يبدأ كل منا بإصلاح ذاته فسيبقى الكسل، وإرادة البقاء في الجهل مسيطرةٌ على النفوس، ولا ننسى ما قاله السيد:”ولن تقوى أبواب الجحيم”، “يزول العالم كله، ولا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس”، فلنقتلع أهواءنا ونواجه واقعنا الخاطىء بمحبة وانتباه مقترناً بزيت التواضع والثقة التامة بالله. ولنسر معاً إلى الميلاد لنستقبل المسيح صارخين: يا من ولدت من البتول من أجلنا وكابدت الصلب أيها الصالح يا من سبيت الموت بموتك وأريت القيامة بما انك إله لا تعرض عن الذين جبلتهم بيديك بل أظهر تعطفك على الناس أيها الرحيم، وتقبل والدتك والدة الإله متشفعةً من أجلنا وخلِّص يا مخلصنا شعباً يائساً.

 

القدِّيس نيقولاوس العجائبي السَّنة: (14) العدد: (49) 

 

 

 

 

 

نحو الميلاد