...

ميلاد والدة الإله

 

 

 

لقد خلق الله الإنسان ووضعه في الفردوس لكي لا ينشغل بغير زرع الخير والتأمل في أعمال الله وتسبيحه، لكن, بحسد الشيطان الذي أغوى حواء, المرأة الأولى, سقط آدم في الخطيئة وحسم من فردوس النعيم، بعد ذلك, أعطى الله البشر شريعته بواسطة موسى, وأعلن مشيئاته بواسطة أنبيائه، فعل ذلك لأنه أراد الله أن يُعدَّ البشرية لحدث عظيم هو تجسّد ابنه الوحيد، كلمة الله, الذي يخلّصنا من فخاخ العدو ومن الخطيئة والموت، فأعد لها الله مسكناً لا عيب فيه هي القديسة العذراء مريم، ومع أن مريم كانت تحت اللعنة والموت اللذين حلاّ بآدم وحواء، فإن الله اختارها, منذ الدهر، لتكون حواء جديدة وأما للمسيح المخلّص وينبوعاً لخلاصنا ومثالاً لكل قداسة،‏ وبتدبير الهي، ترك الله يواكيم وحنة, والدي مريم, بلا ذرية إلى أن تجاوزا سن الإنجاب, ثم أعطاهما ما تمنّياه طوال حياتهما, فكانت لهما مريم ثمرة النعمة والبركة والحنان الإلهي، لا ثمرة الطبيعة، وطبعاً، كان فرح يواكيم وحنّة بالعطية الإلهية عظيماً جد، تقول الترنيمة الخاصة بيوم تقدمة: تهلّلي أيتها الخليقة كلها لشعورك بورود الفرح من حنّة المتألهة اللّب التي معنى اسمها النعمة ومن يواكيم الإلهي اللذين على غير أمل ولدا مريم الكلية الطهارة والدة الإله النقية،،،
إن ميلاد مريم هو مصدر فرح وتهليل لكل الخليقة، مريم وردت من يواكيم وحنّة، بنعمة الله، لكنها تخصّ العالم كله، لأنها هي التي ولدت المسيح الإله، مخلّص العالم، مريم هي غاية تاريخ الخلاص وتمامه، ومآل تاريخ الحب والطاعة, واكتمال تاريخ الاستجابة والرجاء، لهذا السبب, نجد الخدمة الليتورجية، في هذا اليوم، مشبعة بالتهليل والفرح والحبور، (هذا هو يوم الرب فتهلّلوا يا شعوب،،،)، (اليوم ظهرت بشائر الفرح لكل العالم،،،)، (اليوم حدث ابتداء خلاصنا يا شعوب،،،)،
‏ في المزمور 13 ‏هذه الأقوال التي تعبّر عن حال البشرية قبل ورود المسيح: (،،،ليس من يعمل صلاحاً، حتى ولا واحد، أطلّ الرب من السماء على بني البشر ليرى هل من فاهم أو طالب الله، ضلّوا كلهم جميعاً وتدنّسو، ليس من يعمل صلاح، كلا ولا واحد)، (مز1:13-3)، طبعا, كان هناك صدّيقون أرضوا الله من قريب أو بعيد، ولكن, وحده الرب يسوع المسيح كان على قلب الآب السماوي, وأرضى الله إرضاء كاملاً غير منقوص، لهذا السبب، كان الرب يسوع الوحيد الذي قال عنه الآب السماوي: (هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا) (مت 5:17)، العالم, إذاً، كان عاقراً عقيماً كيواكيم وحنّة، لذلك تقول إحدى ترانيم صلاة السحر: يا للعجب الباهر، فان الثمرة التي برزت من العاقر بإشارة خالق الكل وضابطهم قد أزالت عقم العالم من الصالحات بشدة بأس،‏ لأن يواكيم وحنة هما صورة العالم العقيم, كذلك مريم صورة العالم الجديد المخصب، صورة الكنيسة، كلاهما نعمة من عند الله، فنحن نتحدّث، ‏بصورة تلقائية، عن انحلال عقر يواكيم وحنّة وانحلال عقر طبيعتنا باعتبارهما شأناً واحداً, كما نتحدث,عن ولادة مريم (التي بها تألهنا، ومن الموت نجونا) ‏وكأن الأمرين واحد،
هذا، ولا بد من تأكيد ما ينبغي أن يكون مبد أ كل فرح وغايته، أن فرحنا بمريم وتهليلنا لها هو فرح بالرب يسوع المسيح وتهليل له، لا قيمة لمريم في ذاتها, كما أن البشرية كلها لا قيمة لها في ذاته، المسيح هو الذي جعل مريم أم الحياة، كما يجعل الكنيسة ينبوع الحياة، هذا أمر كثيراً ما ننساه فنتعامل مع مريم وكأنها قائمة في ذاته، الكنيسة الأرثوذكسية تسمي مريم والدة الإله، كل الترانيم في الكنيسة لا تذكر مريم إلا مقرونة بابنها، مخلص نفوسن، كل الخليقة تحيا إذا ما أضحت مسكناً للمسيح، على غرار سكنى الرب يسوع في أحشاء مريم، كما أن كل الخليقة تزهو وتتمجّد إذا ما كانت أيقونة للمسيح وشاهدة للمسيح،
‏ هذه هي المعاني والحقائق الخلاصية التي تؤكدها الكنيسة في هذا اليوم المبارك، وتفرح بها، وهذا هو الأساس الذي عليه تقيم تذكار ميلاد والدة الإله الفائقة القداسة والدائمة البتولية مريم.

فأيتها الفائق قدسها والدة الإله خليصينا…

 

 

http://www.orthonews.org/

 

 

 

 

 

 

ميلاد والدة الإله