...

سُلَّم الفضائل السُّلَّم إلى الله

 

 

 

رأى يعقوب حلماً كأن سلّماً منتصبة على الأرض ورأسها إلى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها، وإذا الربّ واقف على السلّم” (تكوين 28: 12-13).
 

وأيضًا قال يسوع لنثنائيل “الحقّ الحقّ أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان” (يوحنّا 1: 51).
 

السلّم تربط السماء بالأرض؛ صعوداً الملائكة تنقل صلاتنا ونزولاً تنقل لنا معونة السيّد. ترمز السلّم إلى مسيرة الكمال، هذا ما يجري في سرّ الله العميق والأخير. إنّها رؤية السرّ الأخرويّ.
 

بيسوع نصل إلى الله. في المسيح الأرض والسماء تتّحدان.
 

* * *

نعم، ينبغي لحياتنا أن تكون مسيرة إلى الكمال. يعلّمنا القدّيس يوحنا السلّمي كيف نرتقي إلى الفضائل العليا: المحبّة والتواضع.
 

يقول: بالنسك وبممارسة الفضائل نأتي إلى معرفة الحقيقة. لا يصل الإنسان إلى المسيح بعقله فقط. هذا ما قاله أيضًا القدّيس غريغوريوس بالاماس. ويضيف السلّمي: “إنّ المجاهد يحفظ غيرته متّقدة إلى النهاية ولا يزال، حتّى الموت، يزيد كلّ يوم على ناره ناراً وعلى اضطرامه اضطرامًا وعلى شوقه شوقاً وعلى همّته ونشاطه نشاطاً دون انقطاع”، كلّها مصطحباً بالتواضع (راجع كتاب السلّم المقالة 1: 27).
 

* * *

نسك السلّمي في جبل سينا في القرن السادس الميلاديّ. كان لتلاميذه طبيباً وراعياً يعلّمهم كلّ ما كان من الكتاب الإلهيّ: علم العلوم وفنّ الفنون؛ وبناءً على طلب معلّمه ألّف كتاب “السلّم إلى الله” استناداً إلى خبرة رهبان جبل سينا. يحتوي الكتاب على ثلاثين درجة، أي ثلاثين فضيلة، كان على المجاهد أن يتسلّقها ليصل إلى الكمال، تُقرأ على مائدة الرهبان خلال الصوم.
 

طبعًا، كتاب السلّم يفيد اليوم الراهب والعلمانيّ. حبّذا لو كلّ مؤمن مجاهد يقرأه ويتمعّن فيه خلال الصوم.
 

إنه يقدّم علاجاً فائقاً لكلّ أمراضنا النفسيّة المعاصرة. نحن لا نفرّق بين الراهب والعلمانيّ في ما يختصّ بالجهاد الروحيّ؛ كلاهما مدعوّ إلى القداسة في ارتقاء سلّم الفضائل وممارسة النسك والتقشّف وبساطة العيش. كلّها توصل إلى فرح القيامة.
 

كلّ مؤمن أرثوذكسيّ مجاهد في حياته مدعوّ إلى الكمال في ارتقائه سلّم الفضائل.
 

جهاده يفترض فضيلة التمييز. أيضًا يكافح جسده بذكر الموت، ولا يستطيع الواحد أن يتعاطى صوم الجسد وموت الجسديّات إلاّ إذا كان مشتعلاً بالحبّ الإلهيّ.

في أعلى السلّم نصل إلى الهدوء؛ وحسب القدّيس يوحنا السلّميّ الهدوء صخرة جاثية على شاطئ بحر الغضب.
 

افرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 15، الأحد 10 نيسان 2016

 

 

 

سُلَّم الفضائل السُّلَّم إلى الله