...

النور الإلهي الأرثوذكسيَّةُ إيمانٌ وحياةٌ

 

 

مَنْ لا يعرفُ عقيدتَه الأرثوذكسيَّة لا يكون فعليًّا عضوًا في كنيستِه، ولو كان أرثوذكسيًّا على هوّيته.

الصوم الأربعينيُّ المقدَّسُ يعيدُنا إلى البرِّيَّة، إلى الصحراء حيث نتعرَّى من ألبستِنا الجلديَّةِ (أي أهواء النفس والجسد واهتماماتنا الدنيويّة الكثيرة)، لكي نلبسَ مِن جديد لباسَ النعمةِ الإلهيَّةِ، هذا اللباس الّذي يليق بالإنسان الجديد المخلوق على صورة المسيح الإله، الذي خلق كلَّ شيءٍ حسنًا.

نعم، تقليدُنا الشرقيّ المسيحيّ الأرثوذكسيّ هو تقليدٌ نسكيّ تقشفيّ. نحن لا نخجل من ذلك بل نفتخر به. لأجل هذا واجب على الإنسان الأرثوذكسيّ أن يصوم عن ملذّاته الجسديّة حتى يشرِقَ من جديد، من قلبه المتطهّر بالأصوام وحتى من جسده، نورُ نعمةِ الله غيرِ المخلوق الذي لا يُشبِهُ بجماله الفائق أيّ شيء من المخلوقات. 

هذا النور الإلهي يحمل لنا السلام الحقيقيّ الذي ليس مثل السلام الذي يعطيه العالم، إنّه يحمل لنا الفرح الذي لا يضاهيه أيّ فرح أو لذّة عالميَّتَين.

أيها الإخوة الأحبّاء، يا أبناء كنيستي العزيزة جدًّاً، لِنُقْبِلْ إلى الصِّيام المُشْرِق، بشَغَفٍ، مشتَرِكِينَ بهذه الصلوات الخشوعيّة الجميلة، صائمين عن الملّذات الدنيويّة، مندفعين إلى أعمال الرحمة السخيّة.

“لقد تناهى الليل واقترب النهار فلنَدَعْ عنّا أعمال الظلمةِ ونلبَس أسلحةَ النُّور” (رو 13: 12) بفرح صليبه مع آلام هذا العالم متوثِّبين إلى لقاء العريس في فصحه الخلاصي، آمين.

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن ” الكرمة”، العدد 9، الأحد 28 شباط2010

النور الإلهي الأرثوذكسيَّةُ إيمانٌ وحياةٌ