...

المعمودية الحق

 

 

“مِن الآن ترون السماء مفتوحة”، أي منذ مجيئي إلى العالم فتحت السماء على أهل الأرض. كانوا قديمًا يسمعون عنها. ما ذاقوها إلاّ في شخص يسوع لأنه هو مسكن الله مع الناس. كانوا قبلا ينتظرون الله. صاروا الآن معه لأنه نزل إليهم واكتشفوه واحدًا منهم. لأنه صار منهم، عرفوا الله بالحقيقة.

 

انفتحت السماء أي شوهدت لأن المسيح هو السماء. هو بيت الله في البشرية. “لم يصعد أحد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء”، لم يصعد إلى السماء لأنه فيها. وأنت لا تصعد ولا تنزل، هي تأتي إليك. ليس من مكان اسمه سماء. الله لا يسكن في مكان. المسيح وحده هو السماء، واللفظة العربية تعني انك انت تسمو به إلى الآب. هو وحده الطريق إلى الله، وإذا جالسته تُجالس الله. عندما يقول دستور الإيمان انه “جلس عن يمين الآب”، يأخذ صورة من التعامل البشري. فإذا قال لك أحد الناس” اجلسْ عن يميني”، يكون اعتبرك مثله ولك قيمته. ليس من صورة أقوى من هذه تدل على ان المسيح له قيمة الله وانه هو واحد معه.

 

السماء مفتوحة علينا بعد ان صعد المسيح اليها. هو كان دائما فيها ولكنه في صعوده بعد القيامة جلس بجسده عن يمين الآب اي كشف لنا انه والله واحد. المسيح بإنسانيته واحد مع الله. من هنا انك بعد ان عرفت قيامته ، ترى اليه انسانا بحتا فقد كشف لنا أُلوهيته بالقيامة. هو قال قبل موته: “اأنا الطريق والحق والحياة”، وأكد صحة هذا القول بتبيانه لنا انه قام.

 

لذلك لم تبق السماء مغلقة على من كان في المسيح. الذين لم يتقبلوا المعمودية يقبل بعضهم بحبه. هؤلاء يعمدهم بالروح القدس. أما نحن المعمّدين فلا وعد لنا إلا إذا عشنا بالروح القدس. بلا هذا العيش بالروح تكون المعمودية غير فاعلة. اذاً معمودية وعيش بالروح القدس.

 

المعمودية وحدها ليست ضمانة لأحد. المعمودية الدائمة بالروح القدس، بالعيش الإنجيلي هي تذكرة دخولك الى ملكوت الله. الذين لم يأخذوا عمق المعمودية بالروح الإلهي المسكوب فيهم ظلوا على الماء. لذلك يطلب الله اليك أن تعي معموديتك على انها دعوة دائمة الى الخلاص. ولك الخلاص لأن السماء مفتوحة، لأن الجالس على العرش يرسل عليك دائما الروح القدس.

 

بلا تفعيل معموديتك بالعيشة الصالحة تبقى على سطح الوجود. ان لم تصل الى الحياة الجديدة في المسيح، تكون قد أخذت فقط معمودية ماء. اما اذا وعيت فادخل. المعمودية بالشكل وحده لا تخلصك. ان لم تُطع المسيح بالإيمان والأفعال الصالحة تكون بقيت فيك صبغة ماء.

جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

عن “رعيّتي”، العدد 9، الأحد أوّل آذار 2015