...

الكاهن واشتهاء الكهنوت

الكاهن واشتهاء الكهنوت

الكاهن واشتهاء الكهنوت

 

 

“ليس أنتم اخترتموني بل أنا أخترتكم” يقول المسيح لتلاميذه (يوحنا 15: 16).
هذا لا يعني أنَّ الإنسان لا يحقُّ له أن يشتهي الكهنوت. في أيّامنا هذه يُطْلَبُ من المتقدِّمِ إلى الكهنوت أن يتحلَّى بالتَّقوى والعلم.
يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: “لاحِظْ نفسَك والتَّعليم” (1 تيموثاوس 4: 16)، ويضيف “إن فعلتَ هذا تُخَلِّصُ نفسَك والَّذين يسمعونَكَ أيضًا”.
هذا كلّه يعني أنَّ المتقدِّم إلى الكهنوت عليه أن يكون حائِزاً شهادةً لاهوتيّة من معهد القدِّيس يوحنَّا الدمشقي في البلمند أو ما يعادلها، كما ينصّ القانون في كنيستنا، وكلُّ رئيسِ كهنةٍ لا يحترم هذا القانون يكون مخالِفاً.
إضافة لذلك، للرعيّة وللمعهد أن يشهدا على استحقاقِ هذا المتقدِّم للخدمة الكهنوتيّة.
أخيراً، على رئيس الكهنة أن يتحقَّق من مؤهِّلاته الروحيّة والأخلاقيَّة، فيطرح مثلاً على نفسه السؤال: هل اشتهاء الكهنوت يأتي في سبيل طلب المجدِ والسُّلطة والمال؟ “حذارِ” أن يصبح الكهنوت وظيفةً، إنَّ هذه التجربة لهي آفَّة كُبرى تلحَقُ بكلِّ كاهنٍ مهما كانت “شطارَتُه”. لذا نعود إلى ما قاله الرسول لتلميذه: “كُنْ قدوةً للمؤمنين… أُعكُف على القراءة والوعظ والتعليم”.
* * *
قلَّما يوجَدُ كهنة يواظبون على الصلاة والمطالعة والتعليم. هذا هو السَّبب الرئيسي لتفشِّي البِدع أو الفتور عند أبناء الرعيّة. يلاحَظ أنَّ الكاهِنَ هو أساس النهضة الروحيّة في الرعيّة.
في بعض الرعايا ليس هنالك تعليم للأطفال والشباب والعاملين، بل يكتفي الكاهن عن حقٍّ أو غير حقٍّ بممارسة التكاليف (إقامة الأسرار المقدّسة) وزيارة المرضى عند الحاجة.
إضافة لذلك، قَلَّما يوجدُ كهنة يواظِبون على الصلاة والقراءة في بيوتهم، كما أنّهم لا يعطون وقتاً كافياً لدراسة الإنجيل وتهيئة العظة في القدّاس الإلهي.
أنا لا أقول إن كلّ واحد (من الكهنة) يتمتّع بمثل هذه الموهبة، لكنِّي أقصد ما قاله يوحنَّا في سفر الرؤيا لملاك كنيسة أفسس: “أنا عارِفٌ أعمالَك وتعبَك وصبرَك….. وقد احتملتَ ولك صبرٌ وتعبتَ من أجل اسمي ولم تكلَّ، لكن عندي عليك أنَّك تركتَ محبَّتَك الأولى، فاذكُرْ من أين سَقَطْتَ وتُبْ..” (رؤيا 2: 2-5).
* * *
مسؤوليةُ الكاهن الرئيسيَّة هي قداسته. هذه تأتي من صلاتِه ومطالعتِه للإنجيل حتَّى خارج الصلوات “الرسميَّة”. العثراتُ كثيراً ما تأتي من الإكليروس، أكانوا من الكهنة أم من المطارنة. المهمُّ أن لا يصبِحوا محبِّينَ للمال.
في الصلوات المشترَكَة يُحِسُّ الشعب بصورة واضحة إنْ كان الكاهنُ يصلّي أم يؤدِّي واجِباً روتينيّاً. كيف يعلِّمُ الصلاة إن كانَ لا يصلّي في بيته؟ كيف يُعَلِّمُ الكلمةَ إن كان لا يدرسها في خلواته؟ عند سيامتِه الكهنوتيّة يقول له رئيس الكهنة مسلِّماً إيَّاه القربانة المقدّسة (الجوهرة): “خُذْ هذه الوديعة واحفظها سالمة إلى مجيء ربِّنا يسوع المسيح، إذ أنت مزمِعٌ أن تُسأَلَ عنها”. ما هي هذه الوديعة؟ هي
الإنجيلُ ووديعة الرعيّة، هذا الشعب الَّذي أنتَ مؤتَمَنٌ عليه. إذًا، أدخلْ إلى كلِّ البيوت ووزِّعْ لها خبزَ الكلمة الإلهيَّ.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

 

 

 

الكاهن واشتهاء الكهنوت