...

الصَّلاة من أجل الرَّاقِدِين

 

 

    ذِكْرُ الرَّاقِدِين عند المسيحيِّين كان على الدَّوام من أجل راحة نفوسهم.كان القدِّيس ترتليانوس (القرن الثَّاني بعد المسيح) يقول: “التَّقدمات تعمل دائمًا للأموات كـﭑحتفال ليوم ولادتهم…” ويضيف “إن فتَّشْتَ في الكتاب عن قانون شرعيّ لمثل هذه الممارسات لن تجد مثل ذلك. التَّقليد الحيّ هو الَّذي يبرِّرها مع إيماننا ومحبَّتنا للَّذين فارقونا إلى الحياة الأبديَّة”. (de cor 4.1 Anf vol. 3 p. 94).

عندنا، مع ذلك، وصف لصلاة من أجل الأموات في 2 مكابيِّين 12: 39-45. يهوذا المكابيّ يصلّي من أجل الغفران للَّذين ماتوا بسبب خطاياهم: “ثمّ ﭐنثنوا يصلّون ويبتهلون أن تُمحى تلك الخطيئة المجترَمَة كلّ المحو، ثمّ جمع من كلّ واحد تقدمة ذبيحة عن الخطيئة. وكان ذلك من أَحْسَنِ الصَّنيعِ وأتقاهُ لاعتقاده بقيامةِ الموتى” (2 مكا 12: 42-43).

الكنيسة تصلّي دومًا “من أجل المنتَقِلِين من آبائنا وإخوتنا الرَّاقدين على رجاء الحياة الأبديَّة، ههنا وفي كلّ مكان”.
الرَّسول بولس يصلّي من أجل ﭐبنه الرُّوحيّ، الَّذي كان على الأرجح راقِدًا، قائلاً: “ليُعْطِ الرّبّ رحمةً لبيت أُنيسيفُورُس لأنَّه مرارًا كثيرة أراحَنِي ولم يخجل بسلسلتي…ليعطهِ رحمةً من الرَّبّ في ذلك اليوم” (2 تيموثاوس 1: 16 و18). راجع، أيضًا، عب 13: 7 “اُذْكُرُوا مرشديكم الَّذين كلَّموكم بكلمة الله”، قاصِدًا أيضًا الرَّاقدين منهم.

يذكر القدّيس مكاريوس المصريّ أنَّه فيما كان يعـبر في الـبرِّيَّة إذا به يـرى جـمجـمة بـشريّـة في طريقه، فسألها مستفهِمًا عن حالة المنتقلين عنّا. كان يريد أن يستفهم عن مدى إفادة الصَّلاة من أجل الأموات الرَّاقِدِين. “نعم!، أجابت الجمجمة، عندما تُصَلُّون من أجل الأموات نحن نشعر بالتَّعزية”. وأضافت: “نحن الخطأة نظلُّ في الجحيم دائرين ظهرنا لبعضنا البعض وبسبب صلواتكم لنا نستدير قليلاً وجهًا لوجه متعزِّين”. يكتب، أيضًا، القدّيس مرقس الأفسسيّ: “لا شيء يفيد الأموات أكثر من أن نصلّي من أجل راحة نفوسهم مقدِّمين القرابين لهم في القدّاس الإلهيّ. بعد الموت الجسد لا يشعر بشيء… لكنّ النَّفس تشعر بالصَّلوات المقدَّمَة إليها وتفرح لذلك”.

القدّيس أفرام السّريانيّ أوصى أن يذُكَرَ أربعين يومًا بعد رقاده، وذَكَرَ أنّ الآباء سوف يطهِّرونه بصلواتهم في الذَّبيحة الإلهيّة. إنّ من عادة القدِّيسين أن يطلبوا من أحبّائهم أن يذكروهم دائمًا بعد رقادهم. الصَّلاة من أجل الأموات هي من ثمار محبّتنا الصّادقة الوفيّة لأمواتنا.
الشَّفاعة تصدر دائمًا من قلب مُحِبّ. هكذا نحمل أثقال بعضنا البعض متمِّمِين وصيّة المسيح. بالصَّلاة من أجل الموتى نحمل أثقال بعضنا البعض أمام الله كلّنا، أحياء وأمواتًا، نظلّ قائمين في جسد المسيح الواحد.

لا صلاة للهراطقة في الكتب الطَّقسيّة، هناك فقط تضرّعات خاصّة للجميع.

+ أفــرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

“الكرمة”، العدد 38، الأحد 22 أيلول 2013

 

الصَّلاة من أجل الرَّاقِدِين