...

الشيطان رئيس هذا العالم

 

 

 

“قد أتت الساعة ليتمجّد ابن الإنسان” (يوحنا 12: 23)، “الحقّ الحقّ أقول لكم إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. لكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يوحنّا 12: 24).

“الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً” (يوحنّا 12: 31).

* * *

الشيطان رئيس هذا العالم

أين تكمن سلطته لتجربة الإنسان؟ هي في أنّه مفسد séducteur يُفسد الإنسان وفكره.

منذ بدء حياة يسوع البشاريّة انتصب لمحاربة هذا الفاسد وفساده. هناك جرّبه إبليس أربعين يوماً فأجابه أخيراً بعد أن جاع جوعاً صارخاً “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله” (لوقا 4: 4).

تجربة الجوع هذه غايتها خلق الإضطراب والتشويش في قلب الإنسان.

أخيراً انتصر يسوع على الشيطان، وذلك بموته على الصليب وقيامته في ثلاثة أيّام.

لم يتمجّد يسوع فقط بتحطيم سلطة الشيطان. لقد تمجّد، أيضًا وخصوصاً، بجذبه “الجميع” إليه، كلّ الناس مهما كانت أجناسهم وأعراقهم.

هذه الغلبة النهائيّة على الشيطان حصلت لا 
ببهرجة عالميّة باهرة بل بارتفاعه على الصليب. الربّ يسوع، بحكمته الإلهيّة، هو أيضًا جذّاب للبشر Séducteur، وذلك عن طريق محبّته القصوى وليس كالشيطان الذي يجذب ليُفسد.

يقول الربّ في إنجيل يوحنّا: “الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع” (يوحنّا 12: 31-32).

بفضل الصليب يبلغ الله إلى قمّة تدبيره بتحطيم سطوة الشيطان وتحرير الإنسان من ألاعيبه الجذّابة، فيستعيد الربّ كلّ شيء إليه. لذا يقول قبل أن يسلم الروح: “قد أُكمل”. (يوحنّا 19 : 30).

من هنا يكفي لنا الان، نحن البشر، بعد هذه الغلبة، أن نقف في حياتنا بجانب يسوع المسيح المتألّم والظافر حتّى نفرّ من الشيطان أمير هذا العالم.

أيّها الأحبّاء! كم من مرّة يجذبنا الشيطان إليه في هذا العالم عن طريق المال، فنظنّ أنّ السعادة هي في جمع الأموال وتكديسها لكي ننعم بملذّات هذه الدنيا الخادعة. فيقول لنا السيّد “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان…”. كذلك يخدعنا عندما نركض وراء المراكز العالميّة والأمجاد الدنيويّة والسلطة فنسمع السيّد يقول: “للربّ إلهك تسجد وإيّاه وحده تعبد” (متّى 10:4).

+ أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

عن “الكرمة”، العدد 20، الأحد 15 أيّار 2016

 

الشيطان رئيس هذا العالم