...

البراكليسي

 

 

 

 

كلمةٌ معناها ﭐبتهال. في النِّصف الأوَّل من شهر آب، تُشير الكلمة إلى خدمةٍ اِبْتِهَالِيَّة للعذراء والِدَة الإله تُقَامُ كلّ يوم خلال هذه الفترة الصِّيامِيَّة الَّتي تَسْبِق

 

عيدَ رُقَادِ السَّيِّدَة في 15 آب.

شهرُ آب هو شهر مريم العذراء الكُلِّيَّة القَدَاسَة. تَمْتَدُّ خِدْمَةُ العيدِ إلى يومِ وداعِه في 23 آب. قديمًا، وبموجَبِ قرار من الإمبراطور أَنْدْرُونِيكُس الثَّاني باليولوغُس، كان ذِكْرُ والدةِ الإله، في عيد رقادِها، يمتدُّ خلال شهر آب كلّه، من 1 إلى 31 منه، حتَّى أنَّه في 31 آب يُعَيَّدُ لوضعِ زَنَّارِ والدة الإله الكريم.

*    *    *

أمَّا البراكليسي، فهي صلاةٌ خُشُوعِيَّةٌ تَعُودُ نَوَاتُهَا إلى القرنِ الخامِسِ، وقد تطوَّرَت وﭐتَّخَذَتْ شكلَها الحاليّ “قانونًا” شِعْرِيًّا ذا تسع تسابيح. في القرن التَّاسِع وفي القرن الخامس عَشَر أُضيفَتْ إلى هذا القانون الطِّلْبَات والطُّروبارِيَّات، فـﭑكْتَمَلَ ترتيب خدمة البراكليسي بشكلها النِّهائيّ.

خدمةُ البراكليسي تقامُ خلال صومِ السَّيِّدَة تهيئَةً لعيدِ رُقَادِهَا، ولكن، يمكِنُ أن تُقامَ أيضًا في طَلَبِ شفاءِ مريضٍ، في الكنيسة أو في منزل المريض. الجدير بالذِّكْرِ هنا، أنَّه جَرَتِ ﭐلعَادَة بتأليف خَدَمَاتٍ ﭐبْتِهَالِيَّة تَوَسُّلِيَّة لقدِّيسين كِبَارٍ آخَرين على غِرار خدمة البراكليسي الموجَّهَة للعذراء والدة الإله.

 

العذراءُ مريمُ والدةُ الإله هي “الشَّفيعَة غير الخَازِيَة” و”الوسيطَة غير المردودَة”، تُسْرِعُ إلى معونتِنَا نحن الصَّارِخِينَ إليها كما يُرَنِّمُ، بالضَّبْطِ، شاعِرُ القِنْدَاقِ: “يا شفيعةَ المسيحِيِّين…”. عندما نُرَدِّدُ الآيَة: “أيَّتُها الفائِقُ قُدْسُهَا والدةُ الإلهِ خلِّصينَا”، نقصدُ خلاصَنَا بشفاعاتِهَا عند ﭐبْنِهَا الرَّبّ يسوع المسيح ربّنا ومخلّصنا وحده.

كيف تتمّ هذه الشَّفَاعَة؟. اُنْظُرُوا جَيِّدًا عملَ القدِّيسين العجيب. مريمُ هي أمُّنَا جميعًا نحن تلاميذ الرَّبّ الَّذين أحبَّهُم يسوع فادينا على الصَّليب. “هوذا أمّكم” (راجع يوحنا 19: 26-27). اذًا، نحن أيضًا بجرأة ومحبّة الأولاد للأمّ نتوجَّه بهذا ﭐلاِبْتِهَال، البراكليسي، إلى والدة الإله لكي تنقل إلى ربّنا يسوع طلباتنا من أجل خلاص نفوسِنَا وخلاص العالم أجمع. كم نحن بحاجة إلى هذه الصَّلاة في أيَّامنا الصَّعْبَة هذه!…

كيف تتم الشَّفاعة؟! وما معنى الدَّالَة عند مريم لدى ﭐبنها ومخلّصها يسوع؟ هي الممتَلِئَة نعمة، الأرحَب من السَّماوات، الملكة الجالِسَة عن يمين الملك. كلّ القِوى غير المخلوقَة تَكْتَنِفُهَا من كلِّ جانِب أقوى من أشعَّة الشَّمس العقليَّة، وهي بطَهَارَتِهَا، وكما يذكر القدِّيس نيقولاوس كَبَاسِيلاس بموجب محبّتها الغزيرة نحو ﭐبنها، تعكسُ هذه القِوَى الخلاصيَّة لكلِّ من يبتَهِلُ إليها من كلّ قلبه من أجل خلاصه وخلاص العالم.

مرآةٌ صافِيَةٌ، إِنَاءٌ نَقِيٌّ، حنانٌ كامِلٌ، هذه هي مريم الَّتِي نتوسَّلُ إليها في خدمة البراكليسي الكبير والصَّغير في كلِّ يومٍ من أيَّام صوم السَّيِّدَة.

فَلْنُقْبِلْ إليه في غروب كُلِّ يومٍ وَلْنَبْتَهِلْ إلى والدة الإله بحرارة ومن عمق القلب واثِقِينَ أنَّها قادِرَةٌ أن توصِلَ طلباتِنَا إلى العرش الإلهيّ حيث ﭐبنها الحَمَل المذبُوح والغالِب الموت، الجالِس على العرش الإلهيّ مخلِّص نفوسنا ومنقذ هذا العالم الحزين الَّذي يتخبَّط من كلّ صوب طَلَبًا للنَّجاة.

                                          + أفرام

           مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

 

البراكليسي