...

اترك لهم ميراثاً من الذكريات السعيدة

 

 

 

 

ما نفعله، كأهل، مع أولادنا اليوم يخلق ذكريات سوف تباركهم أو تحطّمهم غداً.
    قال أحدهم: “اللحظة يمكن أن تكون مؤقتة، أما الذكريات فإلى الأبد”.
    “الذكرى هي الفردوس الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يُخرجك منه لأنّه إن لم تكن لك ذكريات فلا تكون لك أحلام” (ليز أريكسون).
    كم هو مهم أن نبني مخزناً من الذكريات الطيِّبة لأطفالنا عندما يكونون صغاراً! 
    في كتاب “كنز من الروحانية الروسية” نقرأ:
    “لماذا انطباعات الطفولة مهمّة إلى حدّ بعيد؟ لماذا من الضروري أن نملأ عقل الولد وروحه بالمعرفة والمثال الطيِّب بدءاً بالمراحل المبكّرة من حياته؟ هذا لأننا في الأطفال نجد، غيرَ منقوصةٍ، الطاقةَ على الإيمان والبساطة واللطف والمرونة والرأفة والخيال والوداعة. هذه بالضبط هي التربة التي تعطي حصاداً يزيد آلاف الأضعاف عن البذار الذي يُبذَر فيها. فيما بعد، في الحياة، عندما تقسو النفس وتصير كالصوّان يمكن الإنسان أن يتنقّى ويَخْلُص برواسب خبرة الطفولة. لهذا السبب مهمّ جداً أن نحفظ الأولاد ملتصقين بالكنيسة – هذا يعطيهم غذاء لمجمل حياتهم”.
    أَخبر سجين حرب سابق كيف أنّه أُلقي في السجن الإنفرادي من قِبَل هتلر. كل ما كان له أُخذ منه. الشيء الوحيد الذي بقي لديه كان ذاكرته. وقد كانت خلاصاً له. فإنّه وجد القوّة والعافية بترداد المزامير والأناشيد والآيات الكتابية التي حفظها عن ظهر قلب في البيت عندما كان صبياً. ذكريات الطفولة أنقذته!
    جاء لاعب كرة قدم، مرّة، إلى أحد أصدقائه وأسَرَّ له بأنّه عاش إلى الآن في الفوضى الأخلاقية، لكنّه أضاف: “سوف أعود وأبدأ من جديد”. “أتعلَم ما الذي حفظني من الإنفراط؟ ذكرى صلوات أبي! أنت لا تعرف ما تعنيه للولد أن يسمع أباه يصلّي، خاصة حين تكون حياة أبيه منسجمة مع صلواته”.
    أنقذته ذكريات الطفولة!
    إذا كان الأب معتاداً أن يأخذ كلاً من أطفاله إلى تناول طعام الغداء خارج البيت مرّة في الشهر، غالباً لمجرّد تناول الهامبرغر، إذا كان الأب معتاداً أن يولي كلاً من أولاده اهتماماً خاصاً وفق حاجاته ويشعر الولد بأنه محبوب بصورة شخصية, إذا كان الأب ليفعل ذلك فكيف يمكن إلاّ أن يُترَك للولد ميراثٌ من الذكريات التي لا تُنسى؟
    إحدى الأمّهات الشابات تبنّت فلسفة مفادها أنّه متى حصل تصادم بين اهتماماتها البيتية واهتمامها بأولادها فإنها دائماً ما تهتمّ بالأولاد. ما فكّرت فيه كان كذلك: “بعد عشر أو خمس عشرة سنة من الآن لن يذكر أحد ولن يهتمّ بما إذا كانت السجادة في غرفة الجلوس، في وقت من الأوقات، نظيفة. ولكن بعد عشر أو خمس عشرة سنة من الآن سيكون مهماً جداً ما إذا كنتُ قد كرّست وقتي لأولادي في ذلك اليوم أو في أي يوم آخر. فلسوف يذكرون”.
    ماذا سيقول أطفالك عنك بعد خمس عشر سنة من الآن؟ أيّة ذكريات طيِّبة سوف تكون لهم؟ ماذا تُراك صانعاً اليوم لتجعل مثل هذه الذكريات ممكنة؟
    إحدى العائلات في كولورادو حاولت، لسنوات، أن توفّر ما يكفي من المال لاستبدال حمامها القديم. لكن، كل سنة، كلّما حان موسم التزلّج كان المال المدّخر للحمام يتحوّل إلى رحلة العائلة للتزلّج.
    اليوم يشعر الأهل بالسعادة أنّ الأمر حصل على هذا النحو. فالأولاد الآن كبروا وتزوّجوا. لكنهم متى راسلوا ذويهم يتحدّثون عن الأوقات الممتعة التي قضوها في التزلّج معهم. قال الأب وهو يستذكر: “لا يمكنني أن أتصوّر ابني يكتب ويقول لي: أبي، أذكر بالتأكيد حمّامنا المنتفخ!”
    لذا خصّص وقتاً لتزرع ذكريات سعيدة في نفوس أولادك!

من كتاب “تعامل الأهل والأولاد في العائلة المسيحية”، الجزء الأول، سلسلة العائلة والكنيسة

صادر عن عائلة الثالوث القدوس، دير مار يوحنا، دوما 
 http://archtripoli.com/page

 

 

 

 

 

 

 

اترك لهم ميراثاً من الذكريات السعيدة