...

عودة كنيسة بولندا إلى التقويم اليولياني

 

 

 

في الثامن عشر من آذار 2014، ألغى مجمع كنيسة بولندا اﻷرثوذكسية القرار المجمعي المتّخذ في 12 نيسان 1924، بإدخال“التقويم الجديد“، وقرر إعادة “القديم” أي اليولياني.

ما يلي مقابلة مع اﻷب مارك لافرسشوك حول خلفية وارتدادات هذا القرار.

الهدف من ترجمة هذه المقابلة إظهار أن الكنيسة الحية لا يكون التقويم عندها مشكلة، ولا هي تقع تحت تأثيرات من خارجها، كما يظهر اليوم في أنطاكية حيث يظهر وكأن الهمّ اﻷول لبعض اﻷرثوذكس هو توحيد عيد الفصح مع الكاثوليك(المترجم)

سؤال: قدس اﻷب مارك، هل كان هناك أي صعوبات في الانتقال إلى التقويم اليولياني، أم أنّ اجتماع المطارنة في 2014 ثبّت ببساطة النظام القائم في الرعايا؟

جواب: لم يكن للعودة إلى التقويم اليولياني أي تأثير على حياة غالبية الرعايا في بولندا. إذ بالرغم من القرار المُتَبَنّى رسمياً بأن كنيسة بولندا سوف تتبع “التقويم الجديد“، إلا إن غالبية الرعايا وجزء كبير من المؤمنين استمروا في العيش بحسب التقويم القديم. حتّى قبل قرار المجمع بالعودة إلى التقويم القديم، كانت رعايا أبرشيات وارسو–بيالسكووبيالوستوكا–غدانسكوبرامزيل–نوفوسيلتسكي، تعمل بحسب التقويم القديم ما عدا مجموعات قليلة. في أبرشيات لوبلين–شالموفروكلافولودز–بوزنان كان الوضع أقل تجانساً. وقد تمّ قبول القرار في اجتماعات الرعايا.

سؤال: أيوجد أي إحصاءات عن عدد الرعايا التي بدّلت التقويم؟

جواب: لم تُنشَر أي معلومات إحصائية، وعلى حدّ علمي، ليست جاهزة بعد. في أبرشية بيالوستوكا–غدانسك كانت تتبع التقويم الجديد ثلاث أو أربع رعايا فقط من أصل سبع وخمسين في اﻷبرشية. اليوم رعية واحدة فقط قررت، عقب اجتماعها، البقاء على التقويم الجديد.

سؤال: هل الذين عارضوا التقويم اليولياني كانوا في مجال النشاط اﻷرثوذكسي؟

جواب: يشير الكثيرون إلى مشاكل لدى الشتات في الحفاظ على التقويم اليولياني في الكنيسة، خاصةً في المدن الكبرى حيث تتعارض دوامات العمل وتقويماته مع الاحتفال باﻷعياداﻷرثوذكسية خلال اﻷسبوع. هناك طلب الناس عدم الانتقال إلى القديم بل الاحتفاظ بالجديد.

سؤال: هل سبق أن بذلت الكنيسة البولندية أي جهود لإعادة إدخال التقويم اليولياني منذ أن أعلنت تبنيها التقويم الجديد في1924؟

جواب: في الممارسة، أغلب الرعايا لم تطبق قرار 1924. وهكذا، فإن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أي بعد 1945، رتّبت الرعايا حياتها الليتورجية بحسب طلب المؤمنين. كل الشمال الشرقي حيث يعيش أغلبية اﻷرثوذكس حفظ التقويم القديم.

سؤال: هل كان هناك أي اتهامات بأن الكنيسة البولندية قريبة جداً من الكنيسة الروسية أو تابعة لها؟

جواب: لا أظن أن المؤمنين فكّروا أبداً في أن التقويم قد هُندِس في موسكو. في فكرهم، الجديد والقديم لا يرتبطان بأي جغرافيا ﻷي كنيسة محلية. بالنسبة للمؤمنين كما للكهنة، المهم هو الاحتفال باﻷعياد في نفس اﻷيام التي يحتفل بها بطريركية موسكو والكنيسة الصربية وجبل أثوس. حجة محبة الروس (Russophile) لتفسير الانتقال إلى التقويم اليولياني هي باﻷغلب مبتدعة أكثر منها حقيقية.

يجب ألا ننسى أن الكنيسة البولندية كانت تختبر الاضطهاد على يدي الحكومة عندما صارت كنيسة مستقلّة، وهي أخذت قرار الانتقال إلى التقويم الجديد تحت الضغط. في تلك اﻷثناء ابتدأ العمل على ترجمة النصوص الليتورجية إلى البولندية. بعد الحرب العالمية الثانية، توقفت هذه الضغوطات وما من أحد ألزم الكنيسة على متابعة عملية الانتقال إلى التقويم الجديد أو استبدال اللغة الليتورجية. إذاً، علينا أن ننظر إلى هذا القرار المجمعي على أنه قرار للكنيسة بديهي وغير مبرر، وعلى أنه قبل كل شيء تأكيد للوقائع القائمة، وليس اختلاقاً لواقع جديد.

سؤال: برأيك، لماذا كانت ردة الفعل هذه في إبطاء إدخال التقويم الجديد في بولندا؟ لقد كان هناك مقاومة قوية لهذه العملية في اليونان أيضاً لكن أغلبية الرعايا قاموا بها. في بولندا، ببساطة أهملت الرعايا هذا التجديد. ما سبب هذا الفرق؟

جواب: اﻷرثوذكس في بولندا لطالما اختبروا صعوبات متكررة من جيرانهم غير اﻷرثوذكسيين: اتحاد براست، مصادرة الكنائس اﻷرثوذكسية… ازداد التوتر بعد تقسيم البلاد وحين رُبطَت اﻷرثوذكسية في بولندا بنظام القياصرة الروسي.

في القرن العشرين، خشي الناس أن تغيير التقويم في 1924 كان يهدف، طبعاً استناداً إلى خبرات سابقة، إلى “وحدة جديدة”أو بعبارة أخرى إلى امتصاص الكثلكة للجماعات اﻷرثوذكسية.

إشارة تاريخية

كان الكاثوليك الغالبية في الاتحاد البولندي الليتواني منذ 1569 إلى تقسيم البلاد في 1772، ولكنهم لم يتخطّوا نصف عدد السكان لوجود الأرثوذكس والبروتستانت إلى جانبهم. وجود غير الكاثوليك سهّل تقسيم البلاد بشكل غير مباشر. هذا الجو التعايشي الذي نشأ من بعد الاتحاد البولندي الليتواني وال tolerance ما بين الطوائف ساعد اﻷرثوذكس في عشرينيات القرن السابق.

اتحاد براست وتأثيره على اﻷرثوذكس

اتحاد براست هو إشارة إلى القرار الذي أخذته مجموعة من اﻷوكرانيين برئاسة ميتروبوليت كييف بالانفصال عن الكنيسة اﻷرثوذكسية والانضمام إلى الكثلكة واضعين ذواتهم تحت إمرة بابا روما. هذا كان في علمي 1595 و1596، وقد تمّ اﻹعلان عن هذا الاتحاد في مدينة براست وتمّ تثبيته في الفاتيكان في قاعة قسطنطين. المجموعات الاتحادية صارت الروم الكاثوليك في أوكرانيا وبولندا والنمسا وليتوانيا، وقد ترافق مع انشقاقها الكثير من الاضطهادات والمذابح، وقد تراجع البعض منهم لاحقاً عن انشقاقه فيما استمر الغالبية إلى اليوم. كان لهذا الانشقاق أثره البالغ على الذين حفظوا اﻷرثوذكسية إلى اليوم.

مقابلة لسيرغي إيفانوف مع اﻷب مارك لافرسشوك
www.orthodoxlegacy.com

 

 

 

 

 

 

عودة كنيسة بولندا إلى التقويم اليولياني